عندما يقوم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بجولة سياسية تتحرك الآلة الإعلامية السعودية بطاقتها القصوى، وتستنفر المؤسسات الإعلامية (الرسمية وشبه الرسمية) كافة إمكانياتها البشرية والمادية بغرض نقل الصورة والخبر والمعلومة والتحليل السياسي لكافة المتابعين والمهتمين سواء في داخل المملكة أو خارجها.
ويدرك الاعلاميون «كلهم» مدى الاهتمام الذي توليه المؤسسات الإعلامية للجولات الملكية، بدءاً بتسخير الطاقات الإبداعية والتحريرية لمواكبة التحركات الملكية ومروراً بتخصيص «مساحات واسعة» لكافة المواد الإعلامية المتصلة بالزيارة.. ووصولاً إلى الانفاق شبه المفتوح، على الشكل النهائي للمنتج الإعلامي بما يضمن وصول الجودة الظاهرية للرسالة الإعلامية.
وبوصفي من المنتسبين للوسط الإعلامي وددت أن أقدم بعض الرؤى التي تزيد من (فاعلية) وسائل الإعلام السعودية في أداء واجبها الوطني إزاء القيادة السياسية وشرائح المجتمع من جهة وأداء واجبها إزاء المتلقين في العالم العربي من جهة أخرى.
وإنني على يقين وعلم ( بأن المصلحة الأمنية القومية للوطن والمواطن) هي من أهم (أولويات) الحراك الدبلوماسي رفيع المستوى الذي يقوده خادم الحرمين الشريفين في جولاته الخارجية طوال العام عربياً وعالمياً.
ولكني أتساءل: هل وصل لوعي المواطن المتابع لتحركات ولاة الأمر. رسائل إعلامية (احترافية) و (مؤثرة) توضح له الغايات والأهداف قريبة المدى.. التي تسعى لها القيادة السياسية من خلال زيارتها الدؤوبة لعواصم (معينة) في (توقيت محدد)؟! إن كافة الإعلاميين يدركون ويؤمنون بضرورة مراعاة متطلبات المسؤولية الوطنية والمهنية عند التعاطي الإعلامي مع (أخبار) القيادة السياسية ولكنهم قد يغفلون أو يهملون عن غير قصد الآثار الإيجابية التي يمكن تحقيقها في مجال اللحمة الوطنية، وتدعيم علاقة المواطن بالمسؤول في حال نجاح المؤسسات الإعلامية في إيصال رسالتها المؤثرة بشأن الأهداف السياسية (المتوخاة) و (المتحققة) من الجولات الرسمية ولا شك عندي أن المدخل الرئيسي لتطوير التغطيات الإعلامية للجولات الملكية يتمثل في (ارتفاع) مستوى (الحرية المسؤولة) المتاحة أمام الوسائل الإعلامية لكي يستثمر المسؤولون فيها ما لديهم من معلومات ومداولات في قوالب صحفية جذابة ووفق التزام مسؤول ووعي وطني بعيد النظر.
لقد مرت المملكة في فترات تاريخية بتوتر في العلاقات الدبلوماسية مع بعض الأطراف العربية والإقليمية التي تطاولت وسائل إعلامها على المواقف السياسية للقيادة السعودية.. وهنا هبت وسائل الإعلام السعودية وتصدت للحملات (المشبوهة) بحملات إعلامية احترافية عمادها (المعلومة) وسلاحها (التتابع) ورادفها (الحس الوطني) واستطاعت أن تكون صوتاً قوياً لسياسة حكيمة..
وكم أتمنى أن تكون هذه القوة والنجاحات دائمة ومتكررة وفي أوقات السلم والمصالحة وليست ملازمة للتوتر في العلاقات أو عند تأزمها فحسب!!
لقد أثبت (مسؤولو التحرير) في المؤسسات الإعلامية طوال مسيرتها الصحفية إدراكهم ووعيهم التام بمتطلبات المراحل السياسية التي مرت بها بلادهم خلال العقود الماضية وهم في تقديري مطالبون اليوم بإجراء (تقييم موضوعي) يتلمسون فيه أوجه القصور ونقاط الضعف في رسائلهم الإعلامية المتعلقة بالجولات الملكية مستحضرين تأثيرات وسائل الإعلام الجدير على عقلية وشخصية المتعلقين في الداخل والخارج!!
وختاماً أقول:
إن الثقل السياسي الذي يمثله خادم الحرمين الشريفين في المنطقة العربية لم يعد قضية تحتاج لإثبات أو مجادلة مع الخصوم والأصدقاء كما أن المكانة المرموقة التي باتت تحتلها المملكة في الأوساط الدولية أصبحت حقيقة ذات أثار ملموسة في مجالي الأمن العالمي واستقرار الاقتصاد الدولي.
ولكن الأمر الذي أظنه ما زال بحاجة إلى التحليل الموضوعي والاستطلاعات الميدانية هو: هل الآليات والوسائل الإعلامية الناقلة للخطاب السياسي السعودي استطاعت التأثير في وعي المتلقي (العربي) و (السعودي) بما يعزز من قيم الاعتدال والتقارب ويقضي على مفاهيم العداوات والصراعات؟!
(*) مدير تحرير مجلة الدعوة
mhoshah2000@hotmail.com