عمان - عبدالله محمد القاق
تمثل الزيارة الملكية الكريمة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أمس إلى الأردن ومحادثاته مع أخيه الملك عبدالله الثانى تأكيداً على الحرص الذي يوليه البلدان الشقيقان لتقوية العلاقات الأخوية وتمتين التعاون الثنائي في مختلف المجالات خاصة السياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية. وهذه العلاقات الأخوية المميزة التي وصلت إلى هذا المستوى الرفيع تحققت بفضل واهتمام القيادتين الحكيمتين في الأردن والسعودية خاصة وأن هذه الزيارة تجيء في ظروف استثنائية تستدعي التحرك العربي المطلوب لدعم القضية الفلسطينية وسبل تعزيز العلاقات العربية ونبذ الخلافات العربية وتعزيز الجهود لتحقيق المصالحة الوطنية بين الفلسطينيين خاصة وأن جهود السعودية كبيرة ومتميزة لتحقيق التعاون والتفاهم بين الفلسطينيين بغية إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.
وتكمن أهمية هذه الزيارة لكون السعودية حريصة على توحيد المواقف العربية وتكثيف الجهود للارتقاء بالعلاقات بين البلدين بوجه خاص والتحرك باتجاه اعادة إطلاق العملية السلمية التي ترفضها إسرائيل والضغط على المجتمع الدولي لاجبار إسرائيل على استئناف المفاوضات مع الجانب الفلسطيني وفق مرجعيات محددة تستهدف حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف وعودة اللاجئين الفلسطينيين ووقف الاستيطان والقمع والتهجير الإسرائيلي للفلسطينيين وخاصة أبناء بيت المقدس:
ولعل هذا التحرك لخادم الحرمين الشريفين الذي يقدره كل العرب والمسلمين يجيء بعد الزيارة الناجحة والتحرك الرائد والهادف الذي قام به خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى واشنطن مؤخراً واتصالاته مع الرئيس الأميركي أوباما والقادة الأوروبيين في تورنتو على هامش قمة العشرين والتي تناولت الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط والاعتداءات الإسرائيلية المتكرة على الفلسطينيين والقرارات الرامية إلى إقامة 1600 وحدة سكنية للمستوطنين في مدينة القدس كانت موضع الاهتمام والمناقشة خلال هذه اللقاءات انطلاقاً من رغبة جلالته في إحلال السلام الدائم والعادل في المنطقة ونبذ سياسة العنف الإسرائيلية في الشرق الأوسط.
لقد كانت لغة الود والمدح والتقدير للمسؤولين الأميركيين لسياسة خادم الحرمين الشريفين حيال مختلف القضايا الوطنية والقومية موضع تقدير واهتمام لهذا القائد الكبير خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله.
من جهته قالت صحيفة الراي الأردنية أن أهمية زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، التي يقوم بها إلى الأردن اليوم الجمعة، تكمن في محورين متكاملين، أولهما توطيد العلاقات التاريخية المميزة التي تربط البلدين الشقيقين، والثاني التأكيد على الدور التشاوري والتكاملي المستمر بين قيادتي البلدين إزاء كثير من القضايا والملفات.
وتتناول مباحثات خادم الحرمين الشريفين والملك عبدالله الثاني سبل تعزيز علاقات التعاون بين البلدين الشقيقين في مختلف المجالات إضافة إلى تطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط.
وتحظى زيادة خادم الحرمين الشريفين، بأهمية خاصة لجهة توقيتها ودقة الظروف التي تمر بها المنطقة، خصوصاً فيما يتعلق بعملية السلام.
كما يعول كثيراً على زيارة الضيف الكبير، والتي تأتي في إطار جولة عربية، لجهة تجسيد وتعزيز مسيرة العمل العربي المشترك الذي يمثل الشيء الكثير للبلدين بصفتهما الداعمين الأكبر لقضاياه المصيرية. ويربط الأردن والمملكة العربية السعودية علاقات ودية أخوية صهرتها الاهتمامات المشتركة والمصالح المتبادلة وروابط دين وجوار وأخوة وأمن واستقرار لا يتجزأ وموروث تاريخي ووحدة جغرافية وفكرية واجتماعية متميزة.
وحافظ البلدان على تمتين هذه العلاقات من خلال التواصل والتعاون والتنسيق المستمر ومن خلال تبادل الخبرات والمنافع والاحترام المتبادل، وفق رؤية وموقف بأن كلاً من البلدين هو بمثابة العمق الإستراتيجي للآخر.وينظر محللون ومراقبون إلى زيارة الملك عبدالله بن عبدالعزيز بأهمية بالغة في تعزيز التعاون بين البلدين على الصعد الثنائية في مختلف المجالات، وتعزيز العلاقات بين البلدين التي شهدت تطوراً كبيراً ونقلة نوعية مميزة، حيث وصلت العلاقات بين البلدين في السنوات الأخيرة بفضل توجيهات القيادة العليا في البلدين التي قادت إلى بناء علاقة تشاركية قوية تقوم على المصالح المشتركة المستندة إلى ثوابت راسخة وقوية.
وتؤشر زيارة خادم الحرمين الشريفين، والتي تعد الثانية إلى المملكة، على مدلولات تعكس مدى حالة التنسيق والتشاور بين البلدين، اللذين يحملان رؤية وإستراتيجيات منسجمة ومتوافقة إزاء قضايا الأمة، وكذلك إدراك البلدين أهمية الارتقاء بالعلاقات الثنائية في مختلف المجالات إلى طموحات الشعبين الشقيقين، اللذين يتلاقيان بالثقافة والعادات والتقاليد، والتي تستند إلى ثوابت عربية اسلامية.
ويؤكد مراقبون ومحللون أن النتائج المرتقبة للزيارة «المهمة» و»التاريخية» من شأنها التراكم على ما وصلت إليه العلاقات خلال الفترة الماضية، سواء على الصعيد الثنائي في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، أو على صعيد المنطقة والإقليم، إذ يحمل البلدان رؤى وتوجهات منسجمة إلى حد التماهي.
ويتلاقى الأردن والسعودية في كثير من الثوابت السياسية، التي تجعل منهما ركيزة أساسية في الملفات، إذ تستند إلى العقلانية والاعتدال والتوازن، وهو ما يجعل من مواقفهما محط اهتمام دول المنطقة والعالم، خصوصاً فيما يتعلق بالملفات الساخنة في الشرق الأوسط على وجه التحديد، فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
وتعكس القمة الأردنية - السعودية، مدى حرص خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والملك عبدالله الثاني، على أهمية التواصل والتشاور المستمرين، إذ إن هذه القمة تأتي في وقت تشهد فيه المنطقة تطورات، تقتضي توحيد المواقف العربية وتكثيف الجهود، بما يخدم العملية السلمية واستئناف المفاوضات، وهو ما يعمل ويسعى إليه قيادتا البلدين، التي تدرك أهمية الوقت في التوصل إلى نتائج ايجابية بما يخدم القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني وعلى رأسها إقامة دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني.