القرار الشجاع الذي اتخذته وزارة الخدمة المدنية بمنع استقدام الفنيين الصحيين من الخارج لتوفر أعداد كبيرة من المؤهلين السعوديين في هذا المجال، والذي نشر عنه في بعض الصحف المحلية، بعث الأمل في نفوس أكثر من ثلاثين ألف شاب وشابة من أبنائنا المسجلين على قائمة الانتظار لدى الوزارة والذين يحملون مؤهلات فنية في المجالات الصحية كالتمريض والصيدلة والأشعة وغيرها من التخصصات الفنية الذين تلقوا التدريب لدى مؤسسات سعودية حكومية وأهلية متخصصة بأن يساهم القرار في إدخالهم سوق العمل ويبعد عنهم شبح البطالة المخيف. وعلى الجهات المعنية الوقوف خلف هذا القرار ودعمه والصمود أمام أي محاولات قد تسعى لإفشاله لحماية أصحاب المصالح الخاصة في الاستقدام.
فالقطاع الصحي، في ظل النمو المتسارع الذي يشهده في الوقت الحالي بفضل الدعم الحكومي السخي، والاستثمارات الخاصة، مؤهل لخلق فرص عمل واستقطاب شريحة عريضة من المؤهلين السعوديين في المجالات الطبية المتخصصة، والمجالات الصحية الفنية إذا تمت حمايتهم من المنافسة الوافدة، وأولى الخطوات لدعمهم تتمثل في استيعاب من هم على قائمة الانتظار من الفنيين الصحيين الذين اعتمدت هيئة التخصصات الصحية مؤهلاتهم حيث أمضى البعض منهم أكثر من أربع سنوات بعد التخرج بدون عمل في الوقت الذي تعج المستشفيات الحكومية والخاصة بآلاف المتعاقدين الأجانب.
إن استيعاب المؤهلين في هذه التخصصات الفنية، وإحلالهم بشكل تدريجي محل المتعاقدين الأجانب أصبح ضرورة لابد من تنفيذها تلافيا للجوانب السلبية لبقاء هذا العدد من الشباب والشابات بدون عمل. ويجب التغلب على العوائق مهما كانت طبيعتها، وإخضاعهم لبرامج تدريب على رأس العمل حتى يكتسبوا المهارات اللازمة، ومن ثم إحلالهم بشكل تدريجي محل من انتهت عقودهم من الأجانب، وسد الاحتياجات الجديدة للمستشفيات من الكوادر المؤهلة بدلاً من الاستقدام من الخارج.
فالتقليل من حجم البطالة في مجتمع شاب ينمو بشكل متزايد كالمجتمع السعودي يجب أن يرتكز على سياسات عملية وثابتة محاورها التدريب (الفعال)، والتعيين الفوري على الوظائف المناسبة المتوفرة، أو المشغولة بمتعاقدين بقوة النظام، وإخضاع طرفي علاقة العمل (صاحب العمل إن كان جهة حكومية أو خاصة)، والموظف للقوانين السارية كي لا تطغى مصالح طرف على الآخر، وتوفير الحوافز (المعقولة) التي تتناسب مع الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمملكة.