طريقة عمل سكة الحديد في نقل البضائع من الدمام إلى الرياض يغلب عليها الفوضى، والتجار يعانون من كثرة دفع غرامات التأخير والأرضيات وليس لهم أي علاقة في ذلك التأخير!
هذا ما صرّح به رئيس اللجنة الوطنية للتخليص الجمركي بمجلس الغرف ورئيس لجنة التخليص الجمركي في غرفة الرياض مساعد السياري، والنتيجة الطبيعية لهذا الأمر، والمترتب على احتجاز حاويات المواد الغذائية في ميناء الدمام، بسبب تأخر إجراءات ترحيل البضائع، هو ازدياد الطلب على المواد الغذائية في مدينة الرياض مقابل ندرة العرض، لتوقف ترحيل البضائع إلى الرياض، وبالتالي ارتفاع أسعار المواد الغذائية قبيل شهر رمضان المبارك، فضلاً عن الاحتمال المتوقع باستمرار ارتفاع أسعار المواد حتى بعد الإفراج عن الحاويات المحتجزة، نظراً لتورط تجّار التوريد بدفع تكاليف حجز أرضيات في الميناء رغم إرادتهم، ومن الطبيعي أن يحاول هؤلاء تعويض خسائرهم طول هذا الشهر.
المأزق هو أن هذه الحاويات المحتجزة لا تحتوي على مواد غذائية فحسب، بل حتى على مواد طبية وخدمية، وقد يعرّض هذا الاحتجاز وفي درجات حرارة عالية جداً، إلى تلف الكثير من هذه المواد المبرّدة والمجمدة وغيرها، ولعل أحد نماذج هؤلاء التجار، يؤكد أنه خسر ما يقارب سبعمائة ألف ريال، بسبب تلف بضاعته جراء تأخر وصولها للميناء الجاف في الرياض وسوء التخزين، فكيف ستكون ردّة فعل مثل هذا التاجر وغيره؟ كيف يمكنه تعويض خسائره؟ كيف تتوقعون أن يتصرف في المستقبل؟ خاصة إذا لم تنصفه جهات قضائية كديوان المظالم؟
أعتقد أنه، سيحاول بكل ما يملك من حيل ودهاء، تعويض خسائره بطرق غير مشروعة، وقد يجد في الغش والتدليس التجاري أفضل وأقصر الطرق للتعويض، وبالتالي سيكون المستهلك هو المتضرر الأخير، وهو من يدفع فاتورة الخسائر في ماله وصحته.
إلى متى يحدث كل هذا؟ تعطيل إجراءات الترحيل؟ وتخلّف الخدمات في سكة الحديد؟ وعدم تأمين وصول الكهرباء إلى الحاويات الخاصة بالتبريد؟ وقلّة المقطورات الخاصة بنقل البضائع؟ وعدم صلاحية المتوفر منها، وتناقصها بفعل الحوادث؟ إلى متى تكتفي وزارة النقل بإصدار التوجيهات إلى سكة الحديد؟ والمطالبة بتطوير خدماتها؟ هل يعقل أن تحتاج إجراءات الفسح إلى ستة أيام هناك، ومثلها في الرياض؟ أظن أن الحالة المزرية لتعطيل نحو ثلاثة آلاف حاوية تحمل مواد غذائية وطبية وخدمية لمدد طويلة، تبلد معها حس التجار، واعتادوا عليها، هو أمر يحتاج إلى وقفة حازمة على مستوى حكومي عال، تحتاج إلى استنفار كافة الجهات الحكومية على كافة الأصعدة لإيجاد حل سريع وعملي، وتنظيم العمل في التخليص الجمركي، وجعله يسيراً وعملياً.
من منا يتذكّر عمل إدارة الجوازات قبل عشرة أعوام أو أكثر؟ أتذكّر أن أقسى دعوة على أحدنا، أن يقدّر الله عليه بمراجعة الجوازات. نظراً لحاجة المراجع إلى الصراع في زحام طويل، وربما إلى أيام وأيام، لإصدار جواز سفر، أو إقامة نظامية لعامل، وماذا حدث الآن؟ لقد أصبحت الجوازات أكثر الجهات كفاءة في إنجاز العمل، ولم يعد المراجع يحتاج إلى ساعة فحسب، لإنجاز هذه المهام!
هل نحلم كمواطنين، بأن تصبح إجراءات سكة الحديد في الدمام في سهولة إجراءات إدارة الجوازات؟ وهل يصبح إنهاء إجراءات تخليص حاوية جمركياً، في مثل سهولة إصدار إقامة أو جواز سفر مثلاً؟
الإجابة لدى موظفو سكة الحديد!