رحل عبدالهادي الطيب، ولم ترحل بصماته الطيبة في جريدتنا الغراء جريدة الجزيرة.. حيث يعد من العاملين القلائل الذين تركوا بصمات تتحدث عن نفسها منذ أكثر من أربعين سنة.. فقد تعددت خدماته في الجزيرة من رئيس قسم التصحيح، ومحرر لعدد من الصفحات، ومشرف على صفحة الرأي (التي أصبحت تسمى وجهات نظر حالياً) .. والتي تعد من أكثر الصفحات اطلاعاً ومصدراً لمن يبحث عن سيرة أعلام بلادنا الذين لقوا ربهم وتركوا ذكراً حسناً لقراء الجزيرة، والترحم عليهم وتسلية ذويهم وتعزيتهم. كما أن الطيب سخّر وقته وخبرته من أجل تقديم مادة إعلامية جيدة في صفحة الرأي الشهيرة، والإشراف على مواضيع هادفة في مختلف المجالات الوطنية والعربية والإسلامية. واهتمامه بقضية شعبه شعب فلسطين التي عاشها منذ أكثر من خمسين سنة يعاني معاناة أبنائها الذين رحلوا منها، ووجدوا الاهتمام والمؤازرة والدعم من جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل وأبنائه البررة، ومازالت قضيتهم لب القضايا العربية والإسلامية عند خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين، والنائب الثاني. فقد حرص عبدالهادي على تواصل الكتابة عن قضية فلسطين من خلال صفحته وصفحات الجزيرة، وذكر معاناة شعبه الذين لقوا من الصهاينة التجرد الإنساني وقتلوا الشيوخ والأطفال والشباب، وهدموا المساجد والمنازل والمدارس، وأحرقوا الزرع، وصادروا الأرض وقتلوا النسل.. فأسلحتهم العشوائية لا تستثني حياة على أرض فلسطين إلا وأهلكتها. فقد عرفته من خلال الاتصال به في الهاتف، لأني لم ألتقِ به وأشاهده؛ إلا إني أسمع صوته للاستفسار عن وصول مقالاتي التي تجد عنده سرعة التجاوب والنشر والتي من أكثرها المراثي للذين لقوا ربهم من جنودنا البواسل والوجهاء والأعيان وغيرهم من الذين قرأ قراء الجزيرة مآثرهم ومراثيهم في الصفحة.
أخي عبدالهادي .. رحلت طيب الذكر فقد خلّفت حياة طيبة وبصمات باقية لقراء صفحتك صفحة (وجهات نظر). هنيئاً على الأعداد الكثيرة من المشيّعين الذين حضروا مراسم الدفن، وواجب العزاء، وتواصل المراثي التي كُتبت في جريدتنا جريدة الجزيرة من الذين تعاملوا معك ولم يشاهدوك لأنك تعمل لتبقى أعمالك تتحدث عن نفسها، وقد تحدثت من خلال الكم الكبير من الكُتّاب الذين رثوك وتحدثوا عن مآثرك وترحموا عليك.. إنني لم أحضر المراسم لأنه لم يصلني خبر الوفاة إلا متأخرا، وتمنيت حضور العزاء، وفضل الصلاة، وأجر التشييع، والوقوف على قبرك والدعاء لك والترحم عليك وذكر محاسنك التي رفعت ذكر حياتك، فأنت طيب طيب التعامل، وفاضل الأخلاق، وحسن السيرة من خلال تواصلك مع قراء الجزيرة.. فالأيدي نرفعها تقرباً إلى الله العلي القدير أن يرفع منزلتك في الآخرة كما رفعها في الدنيا، وتعازينا لزوجك وأولادك وأحفادك ولكتاب وقراء ومنسوبي الجزيرة .. وأخص رئيس تحريرها الذي أحبك وأحببته وأحب التعامل معك منذ أربعين سنة.
بريدة - نادي القصيم الأدبي