ينادي كل يوم في بنيه |
ألا هبوا فقد جد الرحيل |
كأن مثال من يفنى ويبقى |
رعيل سوف يتلوه رعيل |
رُفعت الأقلام وجفت الصحف، هذه زفرات مهموم وأنات مكلوم وحيرة مكروب وبكاء باك لا ترقأ دموعه ولا تسكن ضلوعه ولا يهدأ هجوعه، خطب عظيم أناخ ببابنا بموت حبيبنا ووالدنا محمد بن عبد الله آل طالب رحمه الله تعالى.
|
كذا فليجلّ الخطب وليفدح الأمر |
فليس لعين لم يفض ماؤها عُذر |
إن طيبة قلبه وأريحيته وسماحته ونبل روحه وسموها وحلاوة طبعه جمعت فيه مواهب العقل اللامعة مع أساس من الفضيلة المكينة.
|
قليل التشكي للمصيبات حافظ |
من اليوم أعقاب الأحاديث في غد |
يطوي الزمان بفعل الجميل من القول وصالح العمل، ويطوي المكان بشمولية الاهتمام والرعاية لأقاربه وأحبابه، فهو كالغيث الهني مباركاً أينما كان إيماناً عميق وهمة عالية وخشوع وخضوع لخالقه فرحمه الله رحمة واسعة.
|
فقدتك محاريب المساجد فقدك الثلث الآخر من الليل، أين صوت أنينك في الليل لم نعد نسمع له صوتاً، أين من كان يوقظنا للصلاة في هدوء الليل وسكونه أين تلك الابتسامة التي كانت لا يفتر بها محياك الجميل.. آه ما أحلى تلك الابتسامة على ذلك المحيا؟
|
هنا سبحتك في الركن مهملة، هنا كتاباً كنا قرأناه، هنا أدعية قد نقشتها بيدك، هنا كتاباً كنت تهواه.
|
وقد شهد الأنام لكم بخير |
ولكن الإله هو المجازي |
كان - رحمه الله - من أحسن الناس خلقاً، كان على قوته وجرأته حيياً كريماً، كان والله عظيم الحلم قديم السلم، محسناً لإخوانه متواضعاً مؤثراً البساطة متجافياً عن التكلّف.
|
جثم المرض على الوالد - رحمه الله - مؤثراً الصبر والاحتساب على التشكّي والإخبار مع ما يعانيه من آلام وأوجاع، متوكلاً على ربه باذلاً للأسباب.
|
ولكن إذا تم المدى نفذ القضا |
وما لامرئ عما قضى الله مهربُ |
توفي الوالد - رحمه الله - وهو مسافر سفراً لا إياب بعده في يوم الاثنين الذي تعرض الأعمال فيه على الله.
|
هجمت علي من الزمان خطوب |
ومصائب منها القلوب تذوب |
خطب يئن له الجماد وتنثني |
منه متون العزم وهي صلوب |
اللهم أجزل له المثوبة بأحسن مما كان يعمل، اللهم اسبغ عليه الواسع من فضلك والمأمول من إحسانك، اللهم أتمم عليه نعمتك بالرضى وآنس وحشته في قبره بالرحمة، واجعل جودك بلالاً له من ضما البلى، اللهم قدّس سره ونوّر ضريحه واجمعنا به في دار كرامتك بمنك وجودك وإحسانك.
|
|