إن القلب ليحزن، والعين لتدمع، ولا نقول إلا ما يرضي الرب.. إنا لله وإنا إليه راجعون، رددتُ هذه العبارات التي أرشدنا إليها معلم الناس الخير صلى الله عليه وسلم، حين علمت أن الأخ الحبيب، والصديق الوفي عبدالله بن عمر الهريش التميمي قد ودّع دنيانا الفانية يوم الثلاثاء 10-7-1431هـ، تغمده الله برحمته، وأسكنه فسيح جناته.
إن الحديث عن أبي سامي حديث عن رجل فذ.. ورمز من رموز الكرم الفطري، والعطاء السخي.. مع التواضع الجم، ودماثة الخلق، وبشاشته غير المصطنعة، أقول ذلك من خلال عِشرةٍ دامت سنوات، كان يتجدد فيها كالمعدن النفيس، ويتألق في كل وقتٍ وحين، ويُشعرُ كل من يقصده أنه موضع احترامٍ واهتمام.. بغض النظر عن مركزه، أو مكانته الاجتماعية.
إن ذلك الرجل عملة نادرة بين أقرانه ممن أفاء الله عليهم، إذ ربما لا يعرف الكثير أنه -رحمه الله- قد أعد مساكن فاخرة في الخرج، والرياض، والقصيم، وحائل يستقبل فيها كل قاصد بكل ترحاب.. ويشعرهم بأنهم هم أصحاب المكان، وبعد تناولهم ما لذّ وطاب يكون -رحمه الله- قد أعد لهم أماكن للراحة والنوم تليق بهم، ويشرف على ذلك بنفسه، وكان آخر مكان من سلسلة الأماكن التي هيأها لقاصديه من أجل ضيافتهم وإكرامهم ومن ثم إقامتهم وراحتهم: السكن والبستان الواقعين في مصايف سوريا (في سهل الزبداني) والتي تشمل على ما تشتمل عليه الغرف الراقية.. يتوفر فيها جميع وسائل الراحة، بالإضافة إلى وجبات الطعام والقهوة في مواعيدها مع العاملين عليها، وكلّ ذلك لا يشغله عن أداء الصلاة جماعة في الجامع القريب من السكن.
لقد امتد كرمه وعطاؤه إلى إخوانه المسلمين، فقد وفقه الله لبناء عددٍ من المساجد، وساهم في بناء عدد آخر منها، كما أنه ومن خلال ما أعرف لا يرد سائلاً، وله عطاء كثير في الخفاء، بل إنه لا يعرض عليه مشروعٌ خيريٌ سواءً داخل المملكة أو خارجها إلا وساهم فيه، وهو الآن -بإذن الله- يجني ثمار ما قدم في حياته.
هذا ما استطعت التعبير عنه إزاء المصاب الجلل.. الذي آلمني وأحزنني كثيراً، ومما زاد في مصيبتي أنني لم أحضر جنازته وتقديم واجب العزاء لأبنائه وأحبابه في الوقت المناسب، ذلك لوجودي وقتها في المستشفى أثر إجراء عملية جراحية، ولا زلت على إثرها في البيت -والحمد لله على كل حال-.
لذلك فإني أقدّم أحر التعازي وصادق المواساة لأبناء الفقيد الغالي وبناته، وزوجته، وجميع أفراد أسرته، وأحبابه، وأصدقائه وخاصةً إخوتي الفضلاء وفي مقدمتهم أخي الأكبر والدنا الشيخ- مقبل بن محمد المقبل، والشيخ- محمد الفوزان.. سائلاً المولى القدير أن يجعل في ذريته الخير والصلاح، وأن يجمع شملهم، ويوفقهم للسير على نهجه، وسد الفراغ الذي تركه والدهم.. إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.