ألعاب نارية، كؤوس زجاجية، قنابل (تي إن تي)، انفجارات، سكاكين متطايرة، بنادق ومسدسات، نوافذ تغلق وأبواب تفتح.
لا شيء، حقاً لا شيء وفّره العبقريان جوزيف باربرا ووليم حنا لم يستخدماه في المطاردة الأزلية التي ابتكراها بين القط والفأر توم و جيري.
دقة متناهية في التفاصيل، في زمن (اللا كمبيوتر) بين عامي 1940 و 1958 حيث كل جزئية هي فعل بشري بحت.
تطوّر شكل توم تطوّراً ملحوظاً بين عامي 1940 وعام 1950 ليصبح أكثر واقعية وأشبه بالقط أكثر وكثر، بينما الفأر جيري فلم يتغير شكله منذ رُسم أول مرة في أواخر الثلاثينيات، فقد ظل ذاك الفأر المحبب ذا الملامح والحركات الطفولية.
لكن أهم عنصر في هذه الرسوم المتحركة الخالدة هي عنصر الموسيقى المعقدة التي ألفها الموسيقي العبقري سكوت برادلي، الذي أصر أن تُعزف موسيقاه حية مع جميع الحلقات، وكان كثيراً ما يستعير جملاً من الموسيقى الكلاسيكية أو الجاز يبني عليها موسيقاه التصويرية. الموسيقى غنية بالآلات مفعمة بالحركة وتهدأ وتنفعل بدقة حسب الحالة المزاجية للمطاردة الحاصلة بين توم وجيري. وغالباً ما حلت الموسيقى مكان كلام الشخصيات وعبرت عن ضحكهما أو بكائهما، فالبطلان توم وجيري لم يسمع لهما صوت إلا مرات معدودة طوال ثمانية عشر عاماً.
الملفت للنظر أن العباقرة الثلاثة جوزيف باربرة ووليم حنا وسكوت برادلي لم يخلفوا وراءهم في عملهم العبقري توم وجيري أية أثر يحدّهم في تاريخ محدد، فلا يمكنك التعرف على تاريخ صنع هذا الفيلم إلا من بضع لقطات يظهر فيها تلفزيون وراديو قديمين، لكنهما بالكاد يؤثران على حيوية الصورة، أما الموسيقى فهي تنبض بالحياة لا تعرف القدم.
باختصار، كلنا مازلنا نشاهد توم وجيري مستمتعين غير مدركين أن نصف قرن وأكثر قد مرت على هذا العمل الرائع، ما يجعله عملاً عبقرياً بامتياز.
azkarkanawi@hotmail.co.uk