أنت أيتها الخنساء تراودين الشعر عن مكانه. لتجدلي بعد طول رثاء قصيدة للناس والأماكن. تتطاير كدخان العطر الأزرق أو تبغ منتهى الليل محتضرا بين شعر ونايات آتية كأنما من غابة. ولكم كان الليل طويلا و ثقيلا بعد أن غادرته كان ينظر إلى المكان الذي اتخذته وسط المجلس. الجمع كانوا يحكون وأنا اخترت أن أحكي عليك الزمان الذي مرّ دوما، ولم نوقفه !. كان زمانا يتدحرج وآرجلنا تركل منه ما تيسر. قفي نبكِ ! هذا زمان المدن المصرفية. وتذكرت أنّه بكى صاحبي لمارأى الدرب، دونه ! وأيقن أنا لاحقان بقيصرا وأقلب صفحاتها واحدة خلف أخرى وكلما سمعت صوت هجائياتها ابتسمت وقلت إنه لايلتئم هذا الزمان سوى المتعوس على خائب الرجاء. كأن اسمك بيوجرافيا الحزن العتيق. وكأنك قنبلة موقوتة تنفجر بلا مقدمات فلست مطرا تتنكرين خلف الغيم والريح !، والغيم أوروستقراطي يصبح مطره كولونيلا يجد من يكاتبه !
أنت أيتها المطلة بخجل ملؤه الكبرياء والعناد. أفلا ترين الذي يلوّح لك بلا منديل أبيض، وليس ثمة سفينة ولا شاطئ.. ولا مظلة ؟!. تبحر عيناك المملوءتان باللون المخضر لشدة ما هو بني. تسافران بي نحو سواحل بحر العرب وشواطئ الهجران. ودفئك الذي تبثينه فيمن حولك يشبه دفء شجر الطلح. يشبه الزعفران مشويا على قمح !، تزورين كأنك حلم لا تأويل له. ولو أوّلناه لخرجنا عن نطاق الميتافيزيقيا - حيث نحن - أو حيثما ينبغي أن نكون !. فأنت في الرؤية مثلك في الرؤيا. وأنت رؤية الرؤى !
كلما نظرت هنا وهناك وجدتني أبحث عمن سميت بالخنساء. ودائما أجدها ولكن بعد حين. ودوما أقول لك ياابنة العم. فأجدني كمن ينتقص منك فأقول ياوردة الروح. وحينا أقول إن النجوم لا تختفي ولو كان الشتاء يكنسها ليله كله فهي تورق من أجلك، ولكن الليل لا يصل منتصفه حتى يبدأ أنينه الكئيب. فمتى يمكن لي أن أغافل الجدران ؟!. سأضيع حتما. فالعيون الكبيرة تلاحقني تدورني وتكبل دماغي حيث توجد هناك ثمة مراكز سهلة الإنقياد ومراكز سريعة البديهة ومراكز مغلقة (للتحسينات). كأنما نحن نعقد اتفاقا بينما تعوزنا الأقلام والطروس. جربي أن تتعمدي نسيان السيد الرئيس !