عرفت الإدارة العامة بأنها تنظيم بشري جماعي يهدف إلى تنفيذ سياسة وقرارات الدولة إلى خدمات ملموسة للمواطنين والوطن ومنذ نشأة علم الإدارة فهناك تباين حول طبيعة هذا العلم، هل هو علم أو فن، فالذين قالوا إنه فن يعتمدون على أن المشاريع ... والخطط التي تتم في نشاط الإدارة إنما تؤدي نتائجها عن طريق استخدام الخبرة أو الفن، فتبسيط إجراءات
العمل واختصار الجهد والوقت بهدف رفع مستوى الكفاءة الوظيفية وزيادة الإنتاج وتعميق العلاقات الإنسانية في مجال العمل فتلك أمور تنطوي في مجال الفن الإداري، أما الذين يميلون إلى أن الإدارة إنما هي علم فيعتمدون على أن العمل الإداري الناجح هو ذلك الذي يعتمد على خطط البحث العلمي، وتوسط فريق ثالث في هذا الإطار عندما جمع بين الاتجاهين السابقين وذهب إلى أن الإدارة علم وفن باعتبار أن القيادي الإداري الناجح هو الذي يوظف فنيات الإدارة بأسلوب علمي عندما يعمل على زيادة خبراته وقدراته وذلك بالوقوف على نتائج التجارب العلمية ومتابعة الأفكار الحديثة والإلمام بالنظريات المتتابعة في مجال النشاط الإداري وعلى ضوء ذلك يقع على عاتق المشرف الإداري مسؤولية كبيرة في تفعيل النشاط الإداري في مجال عمل الجهة التي يتبعها وفي إطار الاختصاصات التي منحت له لممارسة مسؤولياته وعليه لتحقيق ذلك ما يلي:
الإحاطة بالقدر الممكن من المعلومات والمهارات ذات العلاقة بعمله لكي يستطيع اتخاذ القرارات المناسبة، بحيث يكون محترفاً لعمله وساعياً للتميز فيه عن طريق الإحاطة بكلياته وجزئياته.
الإدراك الكامل باختصاصات وأهداف الجهة التي يعمل بها لكي تكون قراراته في إطار هذه الاختصاصات والأهداف.
الإحاطة بالتجارب الدولية ذات العلاقة بعمله حتى تكون قراراته قد اتخذت وفقاً لأحدث المبادئ والنظريات الحديثة.
أن يكون لديه الاستعداد لتحمل المسؤولية بأن يتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب من دون تخوف أو تردد.
أن يكون أسوة حسنة لمرؤوسيه في حسن التعامل والحرص على العلاقات الإنسانية ومحاسن الأخلاق.
أن يكون منظماً في عمله ومرتباً له حسب أهميته وأولوياته إذ يوجد من الأعمال ما هو هام وعاجل، وما هو عاجل فقط وما هو أدنى من ذلك.
أن تتوفر لديه روح المبادرة بأن يأخذ السبق في إنجاز الأعمال وطرح الأفكار بعيداً عن التردد والتسويف.
وقد سبق لخبراء علم الإدارة أن حددوا عدة مهام للمدير أو المشرف وملخصها أن مهام المشرف أو القيادي الإداري تقتصر على التخطيط والتنظيم والمتابعة واتخاذ القرارات المدروسة السليمة إلا أنه مع تطور العملية الإدارية ظهرت عدة مهام جديدة للمدير أو المشرف إضافة لتلك المهام ومن المهام الجديدة ما يلي:
إن المشرف أو المدير مسؤول عن نتائج تنظيم العمل الذي يشرف عليه فإن كانت النتائج إيجابية فإنه يحسب للمدير أو المشرف ويعد من إيجابياته وإن كان خلاف ذلك فإنه يكون مشاركاً في مسؤولية الأخطاء التي حصلت.
أن يستشعر المشرف أو القيادي الإداري بأنه عضو مهم في بناء جهة عمله وليس مجرد شاغلا لوظيفة معينة، وذلك بأن يتحمل جزءاً من المسؤولية لإيجاد استراتيجية فعالة لجهة العمل تحقق عن طريقها أهدافها وتطلعاتها.
أن يضع المدير معايير أو استراتيجية واضحة لأداء مرؤوسيه من أجل تحقيق نتائج إيجابية فورية، وفي مقدمة هذه المعايير أن يجعل المدير نفسه قدوة لمرؤوسيه في الانضباط والسلوك وحسن التعامل وفي تطبيق مفاهيم وأنظمة العمل.
الحرص على إيجاد موظفين تنفيذيين موهوبين تتوفر لديهم مقومات الخبرة والحماس لكي يكونوا قدوة حسنة لزملائهم الآخرين في حسن التنفيذ وتطبيق الأنظمة والانضباط.
أن تكون طرق أداء العمل سهلة وميسرة وبعيدة عن التعقيد والبيروقراطية ومن ذلك انتهاج أسلوب العمل الجماعي إما على شكل فرق عمل أو عن طريق اجتماع المدير مع مرؤوسيه من حين لآخر لمناقشة الطرق المناسبة لتنفيذ الأعمال.
أن يشرف المدير على عملية التنفيذ بشكل يومي بحيث يتمكن من معرفة مدى النجاح الذي تحقق ومعالجة الأخطاء التي حصلت بشكل فوري.
أن يكون هناك انسجام بين كافة المديرين الموجودين في الجهاز الواحد وذلك من أجل التنسيق والعمل المشترك لتحقيق كافة أهداف الجهاز، وهذا الدور يقع على عاتق القائد الإداري الأعلى بالمؤسسة أو الجهاز الإداري.
الاهتمام بالتخطيط، بإجراء الدراسات ووضع الخطط المستقبلية التي تخدم سير العمل في القطاع الذي يشرف عليه كل مدير بحيث تتم مراجعة الأساليب والإجراءات التي يسير عليها العمل ومحاولة تلافي السلبيات التي تظهر من واقع التطبيق، بإجراء الدراسات التطويرية لها ووضع الخطط للبدائل المناسبة.
العناية بالتنظيم، بما في ذلك التقسيم الهيكلي للقطاع الذي يشرف عليه كل مدير بحيث يقوم المشرف من حين لآخر بمراجعة هذا التنظيم للتأكد من أنه يؤدي أهدافه، وأن توزيع الموظفين قد تم حسب ذلك التنظيم وأن كل موظف يمارس نفس عمل وظيفته، كما أن على المشرف القيام باقتراح تعديل ذلك التنظيم أو بعضه إذا تطلبت حاجة العمل ذلك.
الاهتمام بالمتابعة، بما في ذلك قيام المشرف بالتأكد من أن العمل في قطاعه يسير حسب الأنظمة والبرامج الموضوعة له، وبإمكان المشرف القيام بذلك بصفة شخصية عن طريق الزيارات الميدانية للإدارات التابعة له أو عن طريق التقارير التي ترفع له، أو عن طريق الاجتماعات مع المشرفين على تلك الإدارات، وأسلوب المتابعة الشخصية قد يكون هو الأنسب لأن فيه شمولية فهو يشمل الالتقاء بالمشرفين على الإدارات وبموظفي تلك الإدارات وبإمكان المدير سماع ملاحظات وآراء الموظفين حول إجراءات سير العمل بشكل مباشر كما أن زيارة المدير للموظفين في مكاتبهم تشعرهم بقربه منهم وتفاعله معهم وهو ما سوف ينعكس إيجاباً على العمل.
اتخاذ القرار السليم، فالقرار الإداري ذو أركان وشروط، فهو تصرف قانوني من جانب واحد وصادر من جهة عامة أو خاصة في أحد الأنشطة الإدارية أما شروطه فهي أن يصدر القرار من صاحب الصلاحية، وأن يأخذ شكلاً معيناً بأن يكون صريحاً ومكتوباً، وأن يمر بالخطوات والإجراءات اللازمة لإصداره وأن يكون ذا سبب محدد وموضوع معين وغاية يهدف إليها فعلى المسؤول عند إصداره لقراره مراعاة ذلك حتى لا يوجه النقد له أو يكون مصدر الشكوى والتظلم، ومما يراعى في إصدار القرار استشارة ذوي الاختصاص بموضوع القرار ومن ذلك ما يتعلق بالناحية القانونية له، حتى تكون شروطه وأركانه وأسبابه وصياغته منسجمة مع القواعد العامة.
إذاً هذه أبرز مهام المديرين التي تمكنهم من الإحاطة بأعمال قطاعاتهم دون الانغماس في الجوانب التي تبعدهم عن مهامهم الأساسية فقد يلاحظ أحياناً أن بعض المديرين قد تركوا مهامهم الأساسية في التخطيط والتنظيم والمتابعة إلى المهام التنفيذية التي يفترض أن يتولاها المسؤولون الأدنى فتجد مثل هؤلاء المديرين يستحوذون على كافة الأعمال بقطاعاتهم ويصرون على أن يعرض عليهم كل صغيرة وكبيرة، وهو تصرف له نتائج سلبية متعددة منها:
تعطيل المديرين لمهامهم الأساسية سالفة الذكر.
توليهم أعمال المسؤولين الأدنى منهم وهو ما يؤدي إلى بقاء هؤلاء المسؤولين بدون أعمال سوى مجرد تمرير المعاملات فقط للمسؤول الأعلى وانتظار توجيهاته.
إن ذلك يؤدي إلى تأخير الأعمال وذلك لكون مصدر اتخاذ القرار أو التوجيه فيها واحد وهو المسؤول الأعلى مما سيترتب عليه تراكم المعاملات في مكتبه، كما أن انشغال هذا المسؤول بأعمال أخرى كالاجتماعات والزيارات الميدانية والاتصالات الهاتفية سوف يزيد من عملية تأخير البت في المعاملات المعروضة عليه.
إن البت في بعض المعاملات قد يتطلب التخصص ولأنه لا يفترض في المدير الأعلى الإحاطة بجزئيات كل الأعمال وتخصصاتها، لذا فإن قيامه بالبت في هذه المعاملات قد يؤدي إلى الخطأ في اتخاذ القرارات.
إن كل جهة أو قطاع قد وضع لكل منها هيكل تنظيمي معتمد من الجهات العليا بالحكومة إذا كانت الجهة حكومية أو من مجلس الإدارة أو المسؤول الأعلى إذا كانت الجهة أهلية وبموجب هذا الهيكل تم توزيع المسؤوليات والاختصاصات والصلاحيات ولذا فإن قيام المديرين بالاستحواذ على كافة الصلاحيات والمسؤوليات يتعارض مع التنظيم الموضوع للقطاع أو الجهة.
إن تولي المديرين سائر الأعمال بما فيها أعمال وصلاحيات المسؤولين الأدنى يولد الإحباط واللامبالاة لديهم، حيث سيتوقفون عن الإبداع والتجديد ما دام أنه لا دور لهم في اتخاذ القرارات، وبالتالي سيؤدي ذلك إلى عدم إيجاد قيادات جديدة بديلة في القطاع لديها مكنة اتخاذ القرارات في حالة غياب المسؤول الأعلى لأي سبب من الأسباب.
إن انفراد المدير بسائر الصلاحيات وما يترتب على ذلك من تراكم العمل لديه قد يؤدي إلى متاعب صحية وربما نفسية له وقد يضطر إلى أن يؤدي بعض أعماله في منزله مما سوف يشغله عن أسرته وعن أموره الخاصة.وبعد فإن التزام المديرين بمهامهم الأساسية وهي الإشراف والتخطيط والتنظيم والمتابعة وإصدار القرارات النظامية السليمة يتمشى مع المبادئ الإدارية الحديثة وفي نفس الوقت فإن فيه إحاطة بسائر نشاطات العمل في قطاعاتهم ولكن بطريقة غير مباشرة عن طريق المتابعة والزيارات الميدانية والتقارير بما يخدم عمل المشرف أو المدير ويمكن المسؤولين الآخرين من ممارسة صلاحياتهم ويحقق أهداف ومهام القطاع ويختصر الوقت والجهد ويسهل أمور المواطنين الذين يراجعون الجهاز.
Asunaidi@mcs.gov.sa