العين تزهد ما في اليد، حكمة ربما تنطبق إلى حد كبير على السياحة المحلية (في جميع دول العالم الثالث تقريباً)، فرغم وجود الكثير من الأماكن الجميلة والمتعة داخل المملكة العربية السعودية (ما عدا الطقس صيفاً)، إلاّ أنها لا يعطيها المواطنون الاهتمام الكافي ولا يعرفون مدى جمالها ومتعتها.
يضاف إلى ذلك حالة الإهمال التي يعاني منها معظم مناطق الترفيه والمنتزهات، مما أدى إلى تدهور بنيتها التحتية، ناهيك عن حالة الطقس من ارتفاع درجات الحرارة التي تصل إلى سقف الخمسين درجة مئوية وموجات الغبار والرطوبة، وكل ذلك يؤدي إلى ضعف الإقبال على المناطق الترفيهية والسياحية في بلادنا، وإذا أضفنا إليه الأسعار الخيالية فيما يخص - تأجير الفنادق والشاليهات وتقديم الخدمات، فإنّ السياحة الداخلية تفقد الكثير من مقومات المنافسة، رغم أنّ هناك دولاً بالمنطقة لديها نفس طقس وأجواء المملكة، إلاّ أنها استطاعت أن تحسن استخدام ما لديها من مقومات، وأن تطوّر وتدعم البنية التحتية لقطاع السياحة، وتقدم أسعاراً تنافسية، وربما لا نبالغ إذا قلنا إنّ مقومات السياحة الداخلية في السعودية أفضل وأكبر من مثيلاتها بعدد كبير من دول المنطقة، لكن لم يتم تعريفها بالطرق الصحيحة وبالشكل الأفضل، فهناك السياحة الدينية في مكة المكرمة والمدينة المنورة والسياحة البحرية في المنطقتين الشرقية والغربية، وارتياد الجبال والأودية والسهول في المنطقة الجنوبية، والمحميات الطبيعية في المنطقة الشمالية، ولا يمكن إغفال المجمعات والمراكز التجارية التي تمثل أهم روافد السياحة في معظم دول العالم، حتى أنّ هناك دولاً تعتمد بشكل أساسي على سياحة التسوق.
وفي ظل حرارة الصيف الملتهبة وروتين الإجازة الصيفية، يزداد الحديث عن السفر والسياحة وتباين الآراء حول المكان المناسب، وتواجه الكثير من الأسر محدودة الدخل إشكالية سنوية متكرّرة، حول كيفية قضاء الإجازة الصيفية داخل البلاد، الأمر الذي يطرح الكثير من التساؤلات حول كيفية تنشيط السياحة الداخلية، حتى تتمكن من اجتذاب هذه الشريحة بصورة خاصة.
والمهرجانات الصيفية التي تقام في جميع مناطق ومدن ومحافظات المملكة أن ذلك يندرج تحت دراسة نفسية السعوديين ورغباتهم واحتياجاتهم بالدرجة الأولى، بعيداً عن التركيز بالشكل الأساسي على الربح المادي، ولو أنه مطلوب لكن النتيجة الأكبر لنا والجمهور السعودي تمكن في أخذه هذه المهرجانات لتوفير عناصر ترفيهية لجميع أفراد المجتمع، حتى ولو كانت تكلفتها مرتفعة شيئاً ما، ولكن نرى ردة فعل الجمهور ومتعته والنتائج الإيجابية ومردودها المستقبل الواعد في دعم السياحة المحلية، وبالأمس قمت بجولة على مجموعة من المراكز التجارية المشاركة في مهرجان الرياض للتسوق للعام 1431هـ، والذي افتتحه أمير منطقة الرياض بالإنابة صاحب السمو الملكي الأمير سطام بن عبدالعزيز في مركز الفيصلية التجاري، وشاهدت من الفعاليات والنشاطات الترفيهية والتثقيفية والسياحية، ما يدعو بالتفاؤل ما لهذه المهرجانات من دور إيجابي في تفعيل السياحة الداخلية.
أتمنى من الهيئة العامة للسياحة والآثار متابعة تطبيق قوانينها ولوائحها، والتي تمنع من زيادة الأسعار في الأماكن السياحية، حتى يتمكن المواطنون والمقيمون من الاستفادة من الإمكانيات والخدمات السياحية المتوفرة داخل المملكة العربية السعودية.
farlimit@farlimit.com