بعيداً عن الأسماء الشهيرة التي رغبت أو حاولت أو رسمت كطفل، هنا في المملكة لم يختلف عن بعض المحاولات التي تقمصت فهناك من يستعيد أحلامه الطفولية وخيالاته ويستحضرها وبناء على تقليد طفولي لا يخلو من الكلفة على أن بعضا من الرسامين أخذوا من الطفل طريقته في الرسم وهي الطريقة التي تظهر فيها خصيصة أو أكثر من رسومه وبالتالي فالدور هنا لا يتعدى في أغلبه تكبير عمل لطفل مع بعض الخبرات المضافة.
النظرة إلى رسم الأطفال له متعته الخاصة وعندما نحاول الدخول إلى عوالمهم فإن أول ما يمكن أن نلحظه هو المعين الذي لا ينضب، أتذكر أحد أطفالي وقبل سن المدرسة كان يرسم كل الحكايا والقصص التي يؤلف معظمها و يستسقي بعضها من خياله وهو خيال جامح وعريض كان يتحرك على ورقة الرسم بحرية تامة لا تقيده المساحة ولا الألوان التي كان لا يتوانى في استخدامها جميعا ليحقق حكاية طويلة ممتعة ومتشعبة في رسمة واحدة وعلى ورقة واحدة، على أن طفلا آخر كان يؤلف حكايات غريبة فيها التأليف والخيال وعندما سألت والده عن كل تلك القصص التي يرسمها أنكر الوالد شيئا منها.
لم يكن مثل هذين الطفلين -وغيرهما كثير-يرسمان واقعا أو معارف محددة بقدر شطحهما كثيرا نحو عوالمهما الخاصة وطريقة تفكيرهما وبعدهما التخيلي في عمر لا يتعدى السبعة أعوام. ومثل هؤلاء كان بالإمكان أن يكونوا حالات مختلفة في مجال الممارسة الفنية إلا أن المشاغل المحيطة غيرت كثيرا من توجهاتهم في الفن والرسم فلم تعد الخيالات ولم تعد حتى المادة حاضرة وقد انتقلوا إلى مرحلة متقدمة(الثانوية) أما في المرحلة الأسبق فإن المعلم قد لا يكون بمستوى أو وعي أو حرص معلم آخر ما جعل من المادة وقتاً إما مملا أو وقتاً ينتظر الطالب انتهاءه أو إشغاله ليمارس حاجة أخرى قد تكون لعبة رياضية أو لعبة على جهاز الكمبيوتر أو غير ذلك من المغريات بوسائلها الأحدث.
لاشك أن قراءات العمل الفني للطفل متعددة، وبعيدا عن الجوانب الفنية التي اتفق كثيرون عليها ضمن مراحل الأطفال العمرية أرى أن الطفل نفسه يستطيع وضع مفاتيح للدخول إلى عالمه وفق عدة امور بينها العلاقة بمعلمه فالطفل قد لا يكشف كل شيء عن رسمته إلا لقريب، وقريب يثق به وقد يمنعه الحياء عن التصريح بأي معلومة أو جانب يتعلق بالعمل، إنه يمكن تأكيد المشاركة بين طلبة الفصل لإبداء وجهات نظر أو التعليق أو إبداء أي رأي خاص حول عمل فني ما خارجا. المعلم بنفسه يقنن الحديث حتى لا يخرج عن حدوده وحتى يحفظ للطفل الرسام قيمته واعتباره، فالأمر قد لا يكون ذا وقع بسيط عند الحديث عن عمل فني.
لعل هذا ما نستشعره مع الكبار من الهواة أو المبتدئين فكيف بالطفل ونحن نريد تواصله ودعمه وتشجيعه، ولتشجيع قراءة الأعمال الفنية للأطفال وتهيئة (المعلم) وبالدرجة الكافية لذلك أرى عقد ورش (نقدية) يشترك فيها المعلمون للحوار والمناقشة وتنظم على مستوى إدارات التربية والتعليم وحتى على مستوى الوزارة وبشكل سنوي، ويتم الحديث فيها عن طريقة قراءة العمل الفني للفنان وللطفل، على ضوء ذلك يمكن توزيع قراءات لرسوم الأطفال وبمشاركة الأطفال أنفسهم بجانب المعلمين، كما ويمكن أن تنظم الوزارة وإدارات التربية والتعليم في المناطق مسابقات سنوية يشترك فيها المعلمون عن دراسات وقراءات لرسوم الأطفال خاصة وما يتفرع من ذلك وتوضع لذلك جوائز مناسبة تشجع على استمرار مثل هذه المسابقات التي يمكن أن تطبع في كتب بعد أن تجمّع المادة المناسبة التي تسهم في تحقيق الهدف التربوي والتعليمي.
solimanart@gmail.com