1- الكراهية هي أكثر العوامل الموحدة لمشاعر الناس شمولاً ووضوحاً.. حيث تجتذب الكراهية الشخص من نفسه وتنسيه ما حوله ويومه ومستقبله وتحرره من الشعور بالغيرة والرغبة في الإنجاز.
2- تستطيع الكراهية الجماعية أن توحد العناصر المتنافرة.. وأن توجد رابطاً مشتركاً بين الأشخاص ولو كانوا أعداء.. حتى أن هتلر استفاد من كراهية اليهود في اختراق وإضعاف مقاومة دول تكره اليهود هي الأخرى مثل بولندا ورومانيا وهنغاريا وفرنسا.. يقول هتلر: إن عبقرية الزعيم تتجلى في التركيز على عدو واحد على نحو يجعل حتى الخصوم المتنافرين داخل هذا العدو كتلة واحدة.
3- نحن عادة لا نبحث عن حلفاء أو شركاء في الحب بل نسعى إلى الاستئثار والانفراد بمن نحب ونعد من يشاركوننا حبنا منافسين.. إلا أننا دوماً نبحث عن حلفاء عندما نكره.. ومن الطبيعي أن نبحث عمن يقف معنا حينما نتعرض لمظلمة يدفعنا للانتقام.. إلا أن الشيء المحير هو إلحاحنا في البحث عمن يشاركنا كراهيتنا إذا كانت مظلمتنا لا تقوم على أساس.. وهذا يدفعنا إلى الانضمام إلى أولئك الذين يكرهون ما نكره.
4- كراهيتنا لا تنبع من الظلم الذي مسنا بقدر ما تنبع من إحساسنا بالفشل والعجز والجبن.. بعبارة أخرى كراهيتنا تنبع من احتقارنا لأنفسنا.. ومن السهل استثارة المظلومين من جهاز حكم عسكري مثلاً ضد فئات أخرى من المجتمع.. فالألمان انتقموا من اليهود نتيجة ظلم معاهدة فرساي.. ورعاع البيض في جنوب أمريكا انتقموا من السود نتيجة احتقار أرستقراطيي الشمال لهم.. أي أن احتقار النفس يولد أكثر النزعات إجراماً لأنه يحمل الشخص على كراهية قاتلة للحقيقة التي تدينه وتظهر عيبه.
5- إن الناس لن يكونوا متواضعين وديعين نادمين على تصرفاتهم حينما نكشف لهم عن ذنوبهم بل الأرجح أننا سنثير فيهم مشاعر الكبرياء والعدوانية.
6- عندما تتسع الهوة بين تعاليم الدين والواقع المليء بالمعاصي يعاني المتدين شعوراً بالذنب وعندما يدخل التطرف بالصورة فإن الشعور بالذنب يتحول إلى كراهية سافرة.. ترى في الآخرين مخلوقات شريرة تستحق أقصى العقوبة بما فيها عقوبة الإبادة.
7- لا يمكن أن تكره عدواً تحتقره.. بل إن الكراهية تبلغ أوجها حينما يكون شعورك تجاهه مليء بالاحترام والإعجاب.. وهذا يوضح نزعتنا إلى تقليد من نكرههم.
8- عندما نشعر بالظلم نتيجة معرفتنا بقلة أهميتنا.. لا نرى أنفسنا أحط من البعض وأرقى من البعض.. بل نرى أنفسنا أقل من الجميع وعندها نكره العالم كله.. لذلك فإن المحبط يشعر بالسعادة حينما يسقط الناجحون أو ينفضح المثاليون.. فهو يرى في سقوطهم وفضائحهم مساواة.
9- بوسع الكراهية أن تمنح الحياة الفارغة معنى وهدفاً.
10- إن تجريد الإنسان من فرديته شرط أساسي لدمجه في المجموع.. وجعله قابلاً للتضحية بالنفس.. إن قبو التعذيب مؤسسة جماعية.
(فقرات من كتاب المؤمن الصادق الذي تم تأليفه عام 1951م وترجمه الدكتور غازي القصيبي العام الماضي).