Al Jazirah NewsPaper Wednesday  21/07/2010 G Issue 13810
الاربعاء 09 شعبان 1431   العدد  13810
 
نهارات أخرى
يا معشر الرجال إني داعية فأمنوا!
فاطمة العتيبي

 

«تتجسد مصيبة المرأة الحقيقية مع جمالها عندما يذبل هذا الجمال وتبدأ الحاجة إلى الحقوق وتقاسم المشترك مع الرجل الذي ولو أنه يذبل أيضاً بالتقادم لكنه يتمدد وينتفخ بالاستحواذ بحيث يملأ صدارة المكان والزمان ويحشر أم العيال في إحدى زوايا الحياة الحرجة. هذا المصير البائس شاركت المرأة نفسها في بنائه حين استبدلت بضاعة الجمال ببضاعة العقل على حساب الأنثى الأخرى في مواجهة الحياة مع الرجل فخسرت المرأتان وبقي الرجل هو الرابح الأكبر. هل هناك بوادر تشير إلى بداية انتصار للمرأة العقل على المرأة الجسد في الحياة العامة عندنا؟.. أظن وأتمنى ذلك». جاسر الحربش (الجزيرة).

مقال د. جاسر هو شهادة ذكورية تدين المجتمع الذكوري وهي ليست جديدة لكنها تؤكد ما تطرحه كثير من حاملات الهم الأنثوي ومتبنيات الخطاب النسوي المقاوم لهيمنة الذكورة على الحياة العامة.

أود أن أضيف نقطة هامة تكمن في أن المرأة الجميلة أيضا لم تسلم من سطوة الخطاب الذكوري الذي يعدد الحيل في التقليل من النوع النسوي مهما كانت ميزاته جسدية أو فكرية, فالمرأة الجميلة هي حية تسعى, وهي غواية تمشي على الأرض وعليها أن تقبح نفسها حين تخرج حتى لا تتهم بأنها متبرجة وعليها أيضا أن تكون قليلة الطموح لأن نجاحها مشكوك فيه ويتهم بأنه لم يأت من جهدها بل نتيجة لأنها أنثى!

لم ينج الخطاب الديني أو الثقافي من معضلة إعلاء سمات الذكور على سمات الإناث فالرجولة تعني مجموعة من الصفات النبيلة التي تحضر في الذهن بمجرد أن يقال إن فلان (رجال) وهذه الكلمة الدارجة المعدلة من كلمة (رجل) لا تحتاج إلى شرح فهي جامعة لخصال الخلق الحسن والفعل الحسن وهذا ينسحب على كل ما يصدر عن الرجل فكلام رجال تعني في الذهنية العامة كلام الثقة والحسم والصدق. يقابله كلام (الحريم) الذي يستدعي في الذهنية معاني تدور في فلك الثرثرة والتفاصيل غير الهامة والنميمة والغيرة وغيرها. ويسعى الخطاب الذكوري إلى تعميم هذه الصفات على كل النساء حتى يطل مهيمنا وله الصدارة بينما تظل النساء -مهما تفوقن وأصبح لديهن صفات تفوق ما لدى الرجال- تظل النساء في الصفوف الخلفية.

حتى إن بعض النساء يتبنين الخطاب الذكوري لمصالحهن فيعملن على محاربة المتفوقات ويساندن الرجال في محاولاتهم لرسم صورة سالبة عن الناجحات, يتلقف الرجال هذه الصورة السالبة بكثير من الفرح لأن العقل الباطن لديهم يتوق لجعل كل النساء في خانة التافهات.

هذا لا يعني أننا في ساحة حرب أو في صراع ظاهر, الذين يمتلكون دراية وخلفية معرفية بالحيل والأساليب التي يقاوم بها الذكور تفوق النساء وكذلك يلمون جيدا بمحاولات النساء الجادة المندرجة في السياق الاجتماعي للتمكين ونيل الفرص, أولئك فقط يتنبهون ويراقبون سيناريوهات الأحداث وما تؤول إليه, في يقيني أن نجاحات النساء متوالية لكن الطريق لا تزال وعرة أمامهن, فلتدع النساء من ربهن أن يمدهن بالقوة والنفس الطويل لمقاومة الهيمنة الذكورية العالمية, وليؤمن خلفهن الرجال المؤازرون لهن في جهدهن المبارك هذا امتثالاً ل(إني داع فأمنوا).



f.f.alotaibi@hotmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد