في وقتنا الحاضر أصبحت المدارس بدءاً من الروضة حتى الجامعة هي المحاضن والمصانع التي تتشكل فيها شخصية المواطن، طالباً أو طالبة، وتكوّن معالم ومقومات فكره وسلوكه، فمعاهد العلم والمدارس والجامعات هي أكثر الأماكن التي يتواجد فيها أبناؤنا مما يفرض أن يواكب ذلك تطويراً مستمراً لما يقدم لهم من مناهج وبرامج تعليمية وتدريبية. وقد نشطت وزارة التربية والتعليم في تطوير الكثير من المناهج، كما اهتمت برفع مستوى من يدرّسون ويعلّمون أبناءنا، فراجعَت خطوات تعيين المعلمين، وخطوات اختيار المدرسين والمعلمين، وخطوات تعيينهم متوخية في الأساس أن يكونوا مربّين ومعلمين غارسين للقيم والعلم النافع، وأكملت إجراءات الإصلاح بإبعاد المتطرفين ومتبني غلو الفكر الذين (يلقّنون) هذا الفكر الضال، فتم إنهاء خدمة العديد من المتشددين من التدريس وتحويلهم إلى أعمال إدارية خارج أسوار المدارس إلى مكاتب الوزارة وإداراتها في المناطق والمحافظات.
التخلص من هؤلاء «مخربي العقول» خطوة متقدمة جداً، فنظفت المدارس من زرع قنابل الفتنة في عقول الناشئة، إلا أنه ورغم الاستمرار في عمليات التنظيف لا تزال بعض المدارس يتواجد فيها العديد من المتشددين، مثل الذين أجبروا الطلبة في الطابور الصباحي على المشاركة في تشييع جنازة وهمية ومشاهدة غسل وتكفين الميت كدرس (إيماني) في إحدى مدارس المحافظات، والمعلم الذي صدم الطلبة في أول ساعات الدراسة، والذي تم التخلص منه بعد التحقيق معه، إلا أن هذه الحادثة التي تابعتها الصحف والمواقع الإلكترونية لم تفلح في منع المتطرفين من نشر أفكارهم ومحاولة فرضها على الآخرين في مكان آخر كالذي فعلته روضة «أهلية» للطالبات عندما قدمت (عزاء عاشور) في الصباح وشخصت جنازة للمعصومة فاطمة الزهراء، وأجبرت الطالبات الصغيرات في الروضة على اللطم على الصدور وتشييع (المحمل) النعش التصويري لفاطمة الزهراء.
هذه الصور المؤلمة نشرتها المواقع الإلكترونية لتظهر أن المتطرفين والمتشددين لا زالوا متواجدين في المدارس الحكومية والأهلية ومن أجناس ومن كلا المذهبين.
jaser@al-jazirah.com.sa