يشهد صيف كل عام نشاطات وبرامج متنوعة بين التسلية والترفيه وبين المعرفة والثقافة وبين ما يجمع الاثنين.
في أصيلة المغربية يقام صيف كل عام وتحديدا مابين (يوليو- أغسطس) موسم أصيلة الثقافي وهذا المهرجان الثقافي السنوي له الآن أكثر من ثلاثين عاما ينتظم في نفس الفترة تقريبا ويستقطب العديد من الوجوه الفكرية والفنية والمثقفة من كل أرجاء العالم، عرفت هذا الموسم منتصف الثمانينات وشاركت في عدد من دوراته خاصة ما يتعلق بالورش والمشاغل الفنية (الكرافيك والصباغة الزيتية) كما يطلقون عليها والمحاضرات والمشاركة فيها متعة كبيرة فاللقاء بفنانين عربا وأجانب والعمل الجماعي واللقاء ما بين المثقفين والأدباء والفنانين زادٌ يسعى له الكثيرون، تعرفت هناك على كثير من الشخصيات الفكرية والأدبية كالطيب صالح وبلند الحيدري ومحمد المليحي ومحمد عمر خليل وضياء العزاوي وإبراهيم الشوش وكثيرين، في هذا الموسم تُرسم الجداريات وتقام المحاضرات والندوات والورش الفنية والأمسيات الموسيقية واللقاءات الفكرية وغيرها، ودرج الموسم خلال الأعوام الأخيرة على استضافات شرفية تمثله هذا العام دولة الإمارات العربية المتحدة كما علمت، وقبل ذلك كانت البحرين وغيرها.
في تونس يقام في الصيف مهرجان المحرس وهو مهرجان فني يميل إلى الفن التشكيلي أكثر من غيره مع بعض الأمسيات الموسيقية، يشارك فيه هذا العام بعض السعوديين بينهم محمد الثقفي وهو نحات شاب لأعماله تميزها.
وصيف هذا العام يشهد برنامجا وفعاليات غير مسبوقة في إطار الجمع بينها وبتلك الكثافة، وأعني ما تنظمه أرامكو السعودية تحت اسم صيف 31 وهذا البرنامج والفعاليات متعددة الجوانب والثقافة والفن إحداها، ففي أروقة تم تهيئتها لهذه المناسبة تقام معارض الفن التشكيلي والخط العربي والتصوير الضوئي كما تقام الأمسيات الفنية والثقافية في تلك المجالات بجانب الورش اليومية ولمدة تزيد عن الشهر، الواقع أن هذه الحيوية التي تشهدها المنطقة الشرقية هذه الأيام جديدة فالمهرجانات التي اعتدنا عليها مخصصة لجوانب أبعد ما تكون عن الثقافة والاهتمام بالفن وممارسيه ومحبيه ومواهبه، مثل هذا الاهتمام من شركة عملاقة كأرامكو السعودية ليس جديدا في اهتماماتها نحو المجتمع فإني أستعيد منذ الستينات المحطة التلفزيونية التي تُبث من الظهران وتصل إلى نواحي المنطقة الشرقية وكنت ممن يتابعونها ويتابعون برامجها المتنوعة من أفلام وبرامج توعوية وترفيهية وخلافه، في نفس الفترة كانت قافلة الزيت المجلة التي استكتبت وقتها كبار الكتاب العرب في مجالات الأدب والثقافة، وأستعيد لقاء مع الفنان عبد الحليم رضوي فيها وقبل ذلك كان هذا الفنان استضافته أرامكو ليرسم غلافا لإحدى تقارير الشركة السنوية 1966 فأخذته إلى بعض المعامل والمنشآت البترولية، كما حكّم حينها مسابقة لرسوم طلبة من مدارس المنطقة الشرقية (الخبر والدمام والأحساء) وربما غيرها، تلك الإرهاصات الخمسينية والتي فتحت عيني عليها في الستينات تتواصل بشكل أو بآخر، فالقافلة المجلة الحالية هي قافلة الزيت والاهتمامات المجتمعية لم تزل بل في ازدياد، وأتذكر دعم هذه الشركة لكثير من الفعاليات والمناشط الثقافية في المنطقة وخارجها أستعيد جمعية الثقافة والفنون بالدمام ومسابقة السفير والنادي الأدبي بالمنطقة الشرقية وغيرها، ونحن هنا أمام تتويج من أرامكو السعودية بمركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي الذي اطلعنا مؤخرا على تصميمه الخارجي وتفاصيله الداخلية وهو مشروع ضخم وكبير على مساحة عريضة فيها كل مرافق مركز ثقافي له مواصفات العالمية من حيث الطابع والمحتوى، بالتالي فالدور الكبير لهذه الشركة الكبيرة لم ينحصر يوما في إطار اختصاصاتها فقد امتد إلى كثير من الجوانب التي أصبحت فيها جزءا هاما ومؤثرا، كما هي قيمة عالمية كبرى ومؤثرة في مجال النفط.
solimanart@gmail.com