الفنان عبدالله المرزوق من مواليد القطيف بالمنطقة الشرقية، أكمل دراسته في مجال الفنون، أتلانتا، جورجيا، بالولايات المتحدة الأمريكية، عمل في كثير من المهام أبرزها إدارته للشؤون الثقافية بالمركز الرئيسي للرئاسة العامة لرعاية الشباب بالمنطقة الشرقية، شارك بإبداعاته في الساحة التشكيلية فجعلت منه رائدا من رواد الفن السعودي، له مشاركات عربية ودولية وحائز على العديد من الجوائز، قدم معرضين لخلاصة تجربته التشكيلية الأول بعنوان (سلسلة البيت العربي)، وجاء المعرض الثاني (قوس قزح الصحراء) في محطته الثانية بالرياض. كانت الأعمال المقدمة فيهما ترتكز على فكرة واحدة تحمل مضامين وفلسفة عميقة في بعدها الجمالي والوجداني جعل من قوس قزح بوابة للدخول إلى عالمه الخاص، يجد في الرمزية أجواء واسعة من فضاء التعبير مختزلا العناصر وموجزا في الإيحاء، يجمع زوايا اللوحة باتزان متجاوزا حالات النشاز بين الكتلة والفراغ يبني الشكل في اللوحة بقدرات المصور وإمكانيات النحات، اللون عند الفنان عبدالله المرزوق حالة من الحلم وحالات من النشوة يعيد به الثقة في الفكرة ويجتذب إحساس المشاهد قبل عينه.
طرح السؤال وتحريك الذاكرة
يقتبس الفنان عبدالله المرزوق عوالمه التشكيلية من محيطه، يصهرها في مرجل ثقافته ليعيد لنا ذلك الواقع بمفهوم بصري جديدا، يحدد الشوائب ويستخلص الجمال، غمس فرشاته في رمال الساحل الشرقي وأذاب بها ألوان الصحراء، يمتلك الكثير من الصور الذهنية التي تراكم وجودها مع اكتشافه للحياة بكل تفاصيلها، تارة من ذاكرة فردية وأخرى جمعية، يترجمها بلغة إبداعية يحملها في هاجسه المرهف، يحلل الماضي ويعيد صياغته مع الحاضر، يصالح بين المتناقضات ينحى تجاه أحداث حوار مع المتلقي وتحريك السؤال وطرح علامات الاستفهام.
ولكون الفنان ابن زمان وبيئة تتجاوز حدوده إلى العالم تصديقا للمقولة العالم قرية صغيرة، في إبداعات الفنان عبدالله المرزوق ملامسة للثقافات الفنية العالمية بحكم دراسته واطلاعه، متمسك بموروثه البصري الأقرب له، مجتمعا وأرضاً، أصبحت أعماله محلية الولادة عالمية الروح والتفاعل شأنها شأن أعمال فناني العالم، يتأثر بإنسانية الآخر ويشاركه المشاعر، يراها المشاهد أو يتخيلها في كثير من تلك اللوحات التي ازدانت بها صالة الفنون بمركز الأمير فيصل بن فهد للفنون بالرياض في معرضه الذي أقيم قبل أيام.
يقدم الفنان تجربته بشجاعة وثقة لمجتمع لا زال أمي الثقافة التشكيلية يستحضر المرزوق في إبداعاته ما أصبحت عليه أعين وعقول الجيل المعاصر تجاه اللوحة أو الصورة بمفهومها الجديد.
تتجلى في أعماله التي تنوعت فيها المساحات من صغيرة إلى كبيرة تقارب الجداريات، تعددت فيها وسائط التنفيذ.. ملامح ورموز، تتوالد وتحرك الخيال، البعض منها أصبح حقيقة والبعض الآخر يسعى لإعادة تدويره. عوالم وتأويلات يحاول الفنان من خلالها تحليل واقع الحياة، يحاول الفنان المرزوق تجاوز الرؤية المباشرة للطبيعة، يبني جسور بينه وبين المتلقي نحو فهم الشكل، يستجمع العناصر ويحاورها، يترك لها اختيار مكانها في العمل استنادا إلى دورها في تكوين اللوحة، فينتهي بتلك العلاقة والحوار بإجماع وجداني وتقني على أخذها لموقعها كما يجب بأبعادها فكر وشكل.
يبقى الفنان عبدالله المرزوق بقوس قزح يسكن عقله ويتربع على مسار إبداعه مؤشرا لقدوم الكثير من زخات المطر الملونة بالحب والتفاني والإخلاص لعطائه، يعمل بصمت وهدوء يتحاشى الإعلام ويسعد برضا الجمهور عن تجربته فنان يحمل صفات ومواصفات الإنسانية بكل أبعادها فتشكل بهذا الإحساس وأصبح أقرب لعنوان معرضه لا يظهر إلا وقت الغيث وإذا ظهر لفت الأنظار ودفع بالمعجبين لرصد حضوره.
monif@hotmail.com