في برنامج (كورة) الذي يقدّمه المذيع التلفزيوني تركي العجمه، تحدّث ذيب الدحيم وكيل أعمال بعض اللاعبين السعوديين، عن العلاقة الثلاثية بين الوكيل والنادي الرياضي ولجنة الاحتراف في الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وبالصدفة كان أحد ضيوف الحلقة جاسم الحربي، مدرب ووكيل أعمال أيضاً، الذي تحدّث بحرقة بالغة، وأعلن بأنه سيلغي رخصة وكيل الأعمال التي حصل عليها من الفيفا، والتي يسدد رسومها السنوية، لأنه لا يقام أي اعتبار قانوني لوكيل الأعمال هنا، واستعرض موضوع انتقال اللاعب فيصل الجمعان من نادي الفتح إلى نادي الهلال، وتوقيع العقود دون علمه وتوقيعه وحصوله على نسبته كوكيل أعمال لهذا اللاعب!
وبصرف النظر عن هذه الحالة تحديداً، أتساءل لم لا تحترم العقود والاتفاقيات سواء لدينا أو حتى في معظم الدول العربية؟ لماذا يتم تهميش دور وكيل الأعمال وحقوقه؟ ولا تنصفه أي جهة، ألا بعد أن يدوخ «السبع دوخات»؟ وهل من المعقول أن يتفرّغ الوكيل إلى الملاحقات القانونية لموكليه؟ أليس له حق التفرّغ لدوره الحقيقي الممثل في البحث عن أفضل العروض والانتقالات لموكليه؟ تماماً كما هو شأن اللاعب الذي يفترض أن يتفرّغ لمهنته، وهي كرة القدم؟
في الغرب يصبح الوكلاء نجوما، ولهم دور مؤثر في نجاح موكليهم أو فشلهم، وليس فقط وكلاء لاعبي كرة القدم، بل جميع الوكلاء لأصحاب المهن والمواهب، فتجد وكيل أعمال للاعب وللمغني وللممثل وللكاتب ... وهكذا.
سأسرد لك - عزيزي القارئ - تجربة شخصية لي ككاتب وروائي، حينما وقّعت عقداً مع وكيل أعمال أمريكي، وهو السيد توماس في نيويورك، وكان العقد معه لمدة ثلاث سنوات، واضح البنود والفقرات، وهو أنه يقوم بتوقيع جميع العقود مع دور النشر الأجنبية، ونشر أعمالي بجميع لغات العالم، باستثناء اللغة العربية التي أمتلك حقوقها، والتوقيع بنفسي مع الناشرين العرب، وأذكّر أنه هو يقوم بتوقيع الاتفاقيات مع الناشرين الأجانب، ويستلم أيضاً مبالغ مقدمات العقود، تخيّلوا يستلم مقدّم العقد كاملاً، ويخصم نسبته 15% من المقدم، ثم يقوم بتحول نصيبي إلى حسابي بكل بساطة ودقّة، لم أكن أوقع عقداً مع ناشر إسباني مثلاً من خلف ظهره، لأن في ذلك مساءلة قانونية، ولم يكن يماطل في تحويل حصتي من المقدم أيضاً، بل حتى فسخ العقد تم بشكل احترافي، وهو إبلاغه قبل شهر على الأقل من نهاية العقد.
إذن، لماذا لا يحدث ذلك مع اللاعبين المحليين؟ لم يقوم اللاعب بتوقيع العقد بنفسه؟ ما أهمية وجود الوكيل إذن؟ قد يقول بعض الموكلين بأن في بنودهم أن اللاعب إذا توفر عرض الانتقال عن طريقه فله حق التوقيع دون الرجوع إلى الوكيل، ولكنني أرى ذلك خللا في العقد، لأن كثيراً من الأندية ستستغل هذا البند بالتوقيع مع اللاعب مباشرة من أجل توفير نسبة نصيب الوكيل، بل إن اللاعب نفسه سيفعل ذلك. أعتقد أن الصواب هو أن تختلف النسبة التي يحصل عليها الوكيل حسب حالات الانتقال بين الأندية.
وربما الأهم هو، لماذا لا تقوم الرئاسة عبر لجنة الاحتراف، ولجنة قانونية من داخل الرئاسة أو خارجها، والاستعانة بوكلاء أعمال سعوديين وأجانب، لوضع صيغة عقود موحّدة بين اللاعبين والوكلاء، لأن اللعبة نفسها لن تتطور ما لم تطبق قوانين الاحتراف تماماً كما هي في الخارج.