فاصلة:
(لا يمكن للمرء أن يكون عادلاً ما لم يكن إنسانياً)
- حكمة عالمية -
إذا شئنا الحديث عن التناقض في مجتمعنا فلن نجد أفضل من المرأة كنموذج حقيقي في تعامل المجتمع معها وفي تطبيقه للقوانين بل وفي كل شيء يتعلق بالمرأة.
مؤخراً نشرت جريدة اليوم أن الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، إمام وخطيب المسجد الحرام في مكة المكرمة، زار مدرسة مسجد توحيد الإسلام للبنات في مدينة بلاكبيرن البريطانية.
الشيخ ألقى كلمة أمام تلميذات المدرسة قال فيها: «لاشك أن للمرأة المسلمة في هذا الدين مكانة كبرى ومنزلة عظمى، فهي الأم والأخت والزوجة والبنت وهي نصف المجتمع وهي الرئة الأخرى التي تتنفس منها المجتمعات...... الواقع أنني سعيد غاية السعادة وأنا ألتقي بأخواتي في الله الفتيات المسلمات اللاتي يعشن في هذه البلاد باعتزاز بدينهن ورسالتهن وقيمهن وحجابهن وعفافهن وحشمتهن».
وأشار إلى أن ذكر المرأة في كتاب الله عز وجل جاء جنباً إلى جنب مع الرجل حسبما ذكر الخبر.
وقبل فترة ليست بطويلة زارت نائبة وزير التربية والتعليم الأستاذة نورة الفايز مدرسة للبنين الصغار في الزلفي فلم تسلم من الهجوم على شخصها وامتد إلى الهجوم على زوجها وممارسة أنواع من العنف اللفظي والمعنوي عليها.
لماذا هاجم المجتمع الأستاذة نورة الفايز ولم يهاجم الشيخ السديس مع أن السلوكين يعتبران في إطار واحد من الناحية المنطقية... رجل يلتقي ببنات وامرأة تلتقي بأولاد؟
ما الفارق بين الاثنين؟
هل لأننا نبجل علماء الدين؟ هل لأننا نريد أن نظهر أمام الغرب بأن الإسلام لا يمنع الاختلاط، إذن لماذا هو ممنوع في بلادنا؟
هل لأن نورة الفايز امرأة فمقاييسنا مختلفة تجاهها فقط لأنها امرأة؟
مع احترامي للشيخ السديس وكذلك الأستاذة نورة الفايز علينا أن نكون عادلين فإما أن نُخطئ الشيخ السديس والأستاذة نورة الفايز وإما أن نقبل من الاثنين هذا السلوك!
نحن هنا خرجنا إذن من الإطار الديني، وكوننا نناقش هذا السلوك فإطارنا تحول إلى الإطار الاجتماعي ومحكمة العادات والأعراف ومن الطبيعي أن تكون الأعراف غير متوائمة مع الدين لأنها تتغير بطبيعة التغير الذي يمر بالمجتمع.
إذا لم يكن ديننا يفرق بين الرجل والمرأة في التكليف فإلى متى نبقى نقدّس ما لم يأت به الدين؟.
سأترك كل الهجوم الذي منيت به الأستاذة نورة من قبل المشايخ أو المتخصصين لدينا في علوم الدين لأطلب - كوني كاتبة - من زميلتنا الكاتبة والأكاديمية نورة السعد التي انتقدت زيارة الفايز بشراسة أن تعطينا تقييمها لزيارة الشيخ السديس لمدرسة البنات.
مع تقديري الكامل للزميلة السعد فإن من أمانة القلم أن توضح لنا وهي الأكاديمية والباحثة في علم الاجتماع كيف يقيس المجتمع سلوكيات أفراده.
nahedsb@ hotmail.com