يا إلهي هاهم مبدعو مصر العروبة يرحلون تباعاً بعد أن طوحت بعضهم المنافي والهجرات عن بلادهم الغالية، والحق يقال: إن الإخوة المصريين هم من أكثر شعوب العالم حباً وتعصباً لوطنهم مصر.
|
فالمواطن المصري -بشكل خاص- قد تتشاجر معه وقد تشابكه بالأيدي ثم يعفو عن الخطأ بشكل سريع، وخير من جسد هذا السلوك هو الشاعر المبدع: أحمد فؤاد نجم الذي يقول في إحدى قصائده الرائعة
|
(اصل احنا شعب طيب |
والطيبة فينا بلوه |
تاخذنا من قُريب |
وتجيبنا بكلمة حلوه) |
أقول: إن المصريين شعب نبيل ورقيق وشهم، أقول: إنه قد يصفح عن أي إساءة إلا لمن يسيء أو يغلط أو يسب وطنه، فهو في هذه الحالة يتحول إلى نمر شرس تخشى عقباه.
|
أقول: هكذا هو سلوك أهل الكنانة، وهذا سلوك أبرز نجومها المبدعين الذين رحلوا عن دنيانا الفانية بتسارع مذهل، ولكنها قدرة الله ولا راد لقضائه وأعني بالذين رحلوا وهما الصديق فؤاد زكريا ومحمود السعدني، اللذان أكلت معهما الخبز والملح (وعشرة حبر وورق)
|
إلا أنني حزنت بشكل ذريع على رحيل الشاعر الكبير محمد العفيفي مطر، أما أسفي على رحيله لأنني التقيت به في إحدى الأمسيات الشعرية في (حمص) وكنت أجالس بعض الشعراء الخليجيين وبينهم الشاعر السعودي جاسم الصحيح، وعندما تقدم أحد الجلوس بمهمة التعريف بيني وبين محمد العفيفي قال بكل استعلاء وكبرياء «انت بتكتب ايه»؟ فقلت له على طريقة السؤال (شعرم يابيه) فضج الجميع بالضحك وقلت يا أخ محمد لقد تشاركنا معاً في أكثر من أمسية وأكثر من مهرجان فلماذ هذا التجاهل؟ ثم أخذت أشخط فيه وأنا أشتم من اخترع حكاية المركز والأطراف، ومن يومها وأنا ادعو إلى نقض هذا المفهوم الهلامي ورفضه.
|
والآن لا أقول إلا ر حم الله «العفيفي مطر» وليسامحني الله إن أخطأت.
|
|