Al Jazirah NewsPaper Tuesday  20/07/2010 G Issue 13809
الثلاثاء 08 شعبان 1431   العدد  13809
 
أزمة العقار
فضل بن سعد البوعينين

 

بدأت شركات العقار البريطانية في اتخاذ مواقف حذرة في تعاملاتها العقارية خشية حدوث انتكاسة جديدة لقطاع العقار بسبب سياسات التقشف التي تؤثر سلباً في نمو القطاع. تردي أحوال المستهلكين المعيشية لن يساعد بأي حال من الأحوال في دفع عجلة النمو، على الأقل، خلال الأربع سنوات القادمة.

هيئات الأبحاث البريطانية حذرت من انهيار قادم لسوق العقار ربما يعيد جزءا من مشهد الأزمة الاقتصادية العالمية، ودعمت رأيها ببحوث دقيقة متخصصة. تشير الإحصائيات الأخيرة الصادرة عن بنك «هاليفاكس» البريطاني إلى تراجع أسعار العقار بنسبة 0.6 في المائة في شهر يونيو (حزيران) الماضي؛ وهو التراجع الثالث على التوالي خلال العام الحالي. تراجع أسعار العقار قابله تراجع مماثل في ثقة المستهلك الذي لم يتحسن منذ مارس الماضي. من النادر أن تصرح شركات العقار بتخوفها من السوق، إلا أن التقارير المحايدة باتت أقوى وأوثق لدى المستهلكين مما تسوق له شركات العقار التي تقاتل من أجل المحافظة على السوق والأسعار الحالية بشتى الطرق.

اتساع سوق العقار البريطانية، وضخامة عدد الشركات الاستثمارية العاملة فيها، ومنها المؤسسات المالية، إضافة إلى قوانين الاحتكار الصارمة، يجعل أمر إخفاء المعلومة، أو تضليل المستهلك غاية في الصعوبة، فالمؤسسات المالية لم تعد قادرة على تحمل مزيد من الديون المتعثرة وهو ما ساعد كثيرا في إعطاء الصورة الحقيقية لتكلفة العقار المستهدف بالتمويل، بعيدا عن المبالغة، إضافة إلى حرص الهيئات البحثية على إعادة سمعتها التي فقدت جزءا كبيرا منها بعد الأزمة الاقتصادية العالمية.

ما يحدث في بريطانيا ربما ينطبق على السوق العقارية السعودية، ففقاعة العقار باتت أقرب إلى الانفجار منها إلى التضخم. قد ينجح تجار العقار في المحافظة على الأسعار الحالية لفترة من الزمن إلا أنهم لن يستطيعوا الصمود أمام المتغيرات الاقتصادية المهمة. قدرة المستهلك على الشراء يحدد في النهاية وجهة مؤشر السوق العقارية بعيدا عن أمنيات وتطلعات التجار. قد تكون هناك استثناءات لبعض المواقع التجارية المتميزة، التي تغري المستثمرين في دفع قيمة أعلى من منفعة العقار لأسباب مختلفة، إلا أن القياس يفترض أن يكون على عامة القطاع لا خاصته. تكلفة شراء العقار، وبنائه تفوق بكثير مقدرة عامة المواطنين، مع بعض الاستثناءات، وهو ما يعني ضعف الطلب الذي يؤثر سلبا على الأسعار. إضافة إلى ذلك تلعب مشروعات التنمية الحالية في خلق طلب مؤقت على الوحدات السكنية ما يرفع من تكلفة الإيجار، وربما ساعد في المحافظة على أسعار العقارات التجارية لبعض الوقت، إلا أن إنسحاب الشركات الضخمة بعد إنجاز مشروعاتها، وخروج نسبة كبيرة من العمالة الحالية، سيؤثر في حجم الطلب الكلي لا محالة وهو ما سينعكس سلبا على قطاع العقار.

هناك من يعول على قدرة القطاع المصرفي على دعم سوق العقار من خلال القروض العقارية المدعومة بنظام الرهن العقاري، وهو ما أشك في حدوثه لأسباب كثيرة إلا أن السبب الأهم يكمن في حرص القطاع المصرفي على استرداد أمواله التي يُقرِضُها كاملة غير منقوصة، إضافة إلى الأرباح المتوقعة، وهو أمر لن يتحقق إلا بتوفر التقييم العادل للعقار، و دراسة مستقبلية دقيقة تضمن احتفاظه بسعره الحالي على أقل تقدير، على أساس أنه يمثل الضمانة الحقيقية في يد المصرف. نظام الرهن العقاري يُفترض أن يُعيد أسعار العقارات إلى وضعها الطبيعي وليس العكس، وإن روج بعض العقاريين (لطفرة عقارية متوقعة ) مدعومة بنظام الرهن العقاري!.

كل المؤشرات الاقتصادية تشير إلى بلوغ السوق العقارية سقفها الأعلى، وهي مهيئة للانخفاض أكثر من أي وقت مضى، وما يحدث في السوق حاليا من تداولات، وتصريحات محفزة، أشبه ما يكون بالحركة القوية المصاحبة لخروج الروح، وهي مرحلة مؤلمة نسأل الله سبحانه وتعالى أن يهونها على عباده المؤمنين.

F.ALBUAINAIN@HOTMAIL.COM


 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد