يقولون.. أو يُشيعون.. أنّ الحوادث.. أو ربما ذهبوا أبعد من ذلك فقالوا.. إنّ الموت يكثر في «شعبان».
هذا التصوُّر.. وهذه المقولات.. هي أشبه بالخرافة.. أو هي بالفعل خرافات..
ليس هناك شهر تكثر فيه الحوادث.. ولا شهر تكثر فيه الوفيات.. ولا شهر تتوقّف فيه الحوادث أو يتوقف فيه الموت.. أو تقل أو تكثر فيه الفواجع.
قالوا في دجلهم وإشاعاتهم هذا شهر الموت.. وهذا شهر الفواجع.. وكم من شخص سيموت قبل رمضان؟ وكم نفس ستذوق الموت في شهر الموت.
وهذا الكلام مع ما فيه من الحقيقة.. وهي أنّ الموت قد يأتي في أي لحظة.. وبالفعل.. سيموت من يموت قبل رمضان، إلاّ أنّ ذلك ليس له علاقة بشعبان ولا رمضان ولا شوال.. ولا محرم ولا غيرها.. هذا تدبير الحي القيوم.
هي آجال معدودة ومدبّرة.. وعالِم الغيب.. هو الله وحده.. وليس للأشهر ولا للأيام ولا للأمكنة.. ولا للظواهر والطوالع.. ولا لأي شيء آخر تأثير أو دور أو علاقة غير إرادة الله تعالى جلّت قدرته.
نعم.. كم من شخص سيموت قبل رمضان ولكن.. ليس لشعبان علاقة به.
وكم من شخص سيموت قبل الحج ولكن.. ليس لذي القعدة ولا ذي الحجة علاقة به..
ربما في شهر شعبان أو أي شهر «إجازة» فيه.. حل وترحال وتنقُّل وتكثر فيه الأسفار واستخدام الطرق.. ربما تكثر الحوادث.
هذا شيء طبيعي.. في أي شهر إجازة.. يكثر استخدام الطرق الطويلة.. وقد يكون ذلك عبر سيارات غير مؤهّلة لاستخدام مثل هذه الطرق.. وقد يكون هناك خلل في السيارة أو استخدام جائر.. كالسرعة الجنونية أو كون إطاراتها غير سليمة.
بمعنى.. أنه في شهر شعبان «شهر الإجازة» تكثر الأسفار والترحال والتنقُّل واستخدام الطرق بسيارات غير مؤهّلة لأن تسلك هذا الطريق أو ذاك.
واستخدام الطريق السريع بسيارات غير مؤهّلة.. أو أعمال السرعة الجنونية أو عدم التقيد بقوانين ولوائح وأنظمة المرور.. لاشك أنه ربما يقود إلى نهاية مؤسفة.
** وهذا.. بإرادة الله تعالى وحده.
نعم.. هناك من يموت في شهر شعبان ولكن.. ليس لشعبان علاقة به.
وهكذا من يقول أو يصف شعبان بأنه «قْصيِّر» و «القصيِّر» هذه الأيام.. خرافات.. فليس هناك شهر طويل أو شهر قصير.. كلها سواء.
للأسف.. هناك من يصاب بالهلع والخوف والرعاب إذا جاء شعبان.. يخشى أن يكون من أعداد الموتى.
إلى هذه الدرجة بلغ بالبعض الجهالة؟
هذا.. هو الجهل بعينه.
إنّ مشكلة البعض.. هو استسلامه أو تصديقه لهذه الخرافات.. وهذه الحكايات.
هذه مصيبة.. وتصديقها مصيبة أخرى.. وتصوّر.. أن يكون لشعبان ضرر أو نفع أو قد يقود إلى الموت.. هذا شيء مخيف للغاية.
المسلم الحق.. لا يؤمن بهذه الخرافات.. ولا هذه الأكاذيب.
نعم.. هناك حوادث مميتة في شعبان وفي كل شهر إجازة.. نظراً لكثرة الترحال.. ولأخطاء بعض السائقين أو يتعلّق بسلامة المركبات.
ولكن.. ليس لشهر شعبان علاقة بهذه الحوادث.. ولم يكن الشهر سبباً فيها.
إنّ المطلوب من علمائنا الأجلاء - وهم لم يقصروا - أن يُبينوا هذه الأخطاء ويُفنّدوها.. ويوضحوا الحقيقة.. ويضعوا النقاط على الحروف.