علم تعبير الرؤيا علم عني به الإسلام واهتم به العلماء في أكثر من مجال، ويرى الكثير من الناس في منامهم أشياء يشاهدونها عياناً بأبصارهم وهي خيالات تخلق في قلب الإنسان النائم. وفرق بعضهم بين الرؤيا والحلم:
بأن الرؤيا اسم للمحبوب فتضاف إلى الله عز وجل، والحلم اسم للمكروه فيضاف إلى الشيطان لحديث (الرؤيا من الله والحلم من الشيطان) والرؤيا الصادقة كرامة دلالة على قوة الإيمان في القلب.
وفي العصر الحاضر أخذ تفسير الرؤيا ينتشر بين الخاصة والعامة حتى أعطاه كثير من الناس جل اهتمامهم. وكأنها حقائق قطعية وهي ليست كذلك. حتى تعلقوا بها وحرصوا على تعبيرها، وكان لها تأثير في حياتهم سلباً وإيجاباً. وما يراه النائم في منامه مجموعة تخيلات ناتجة عن ممارسات أو ضغوط تعرض لها الإنسان في حياته، ونتيجة لطول التفكير فيها ينعكس ذلك على الإنسان في منامه.
أما الرؤيا فهي -إن صدقت- تنبئ عما قد يحصل في المستقبل، أو أمر قد حصل، وهي قابلة للتعبير، ورؤيا المؤمن صادقة، فهي إما بشارة بخير أو تحذير من شر، وجاء في الحديث بأنها جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة.
وقد قص القرآن الكريم شيئاً من ذلك في سورة يوسف، في الرؤيا التي رآها يوسف -عليه السلام- في الآية الرابعة من السورة، ورؤيا الأنبياء حق، وفي رؤيا صاحبي السجن في الآية (36) من السورة وفي رؤيا الملك في الآية (43) من السورة، وجاء تعبير تلك الرؤيا من نبي الله يوسف -عليه السلام- لما آتاه الله من العلم والحكمة.
أما عن تفسير الرؤى، فذلك علم مستقل بذاته لا يؤتاه إلا الخواص من الناس، ممن أوتي علم الكتاب والسنة.
وقد توسع الناس اليوم في تفسير الرؤيا حتى أصبحت مهنة ومصدر كسب، وتناولتها بعض القنوات الفضائية بشكل موسع، وتعلق بها كثير من الناس وكأنها من القطعيات التي لا تحتمل الظن، حتى كان لذلك أثر على حيات الناس وسلوكياتهم، بل لها تأثير نفسي لما تجلبه على صاحبها من القلق، وكثرة التفكير سواء كانت من نوع البشارة أو التحذير.
والذي يجري في الساحة اليوم أن كثيراً ممن يعبرون الرؤيا عن طريق القنوات الفضائية ليسوا مؤهلين لذلك وإنما اتخذوها مهنة لما رأوا اهتمام عامة الناس بها، فاستغلوا هذا الاهتمام لصالحهم وصاروا يعبرون حسب أهوائهم، والسامع يصدق ما يقولون ويأخذه بعين الاعتبار، دون أن يعمل ذهنه في هذا التعبير وما بني عليه وماهية شخصية المعبر، فبعض المعبرين يعتمدون على أشياء وهمية يقصدون من ورائها بشارة السائل حتى تبرق أسارير وجهه ويعاود الاتصال مرة ثانية.
لذا فإني أنبه المشاهدين والمهتمين بهذا الجانب ألا ينساقوا حول الرؤى والأحلام ويسرفوا في تتبع المعبرين, وإذا رأى أحدهم شيئاً في منامه فليذكر الله وينقلب على جنبه الآخر ويقول ما ورد فيسأل الله من خيري الدنيا والآخرة، فغالب المنامات من حديث النفس التي تسمى أضغاث أحلام لا يعول عليها.
المعهد العالي للقضاء
dr-alhomoud@hotmail.com