Al Jazirah NewsPaper Sunday  18/07/2010 G Issue 13807
الأحد 06 شعبان 1431   العدد  13807
 

فهد الموسى إلى جنة الخلد
فهد عبد الله الموسى

 

فقدت أسرة الموسى بالرياض والبير ابنها البار فهد بن عبد العزيز الموسى (أبو بندر) بعد أن ألمّ به مرض مفاجىء لم يمهله طويلاً فاجأني الخبر

.. وأحزنني وآلمني ألماً بالغاً مؤثراً ففقدت صديقاً صدوقاً حميماً ورفيق درب حضر وسفر أعرفه في عنفوان شبابه وحديث عهد به وبمرحه وسماحته لكن قضاء الله قدر أن نفقد صديقا عزيزاً كريماً خلوقا محباً للجميع بعد أن ملأ هذا الرجل قلوبنا ونواظرنا بحبه وسماحته فودعناه ونحن محزونون ليعيش قرير العين في جنة الخلد بجوار رب كريم، إلى رحمته ورضوانه إن شاء الله رحل أبو بندر في مواقف تغيب فيها العبارات، وتفيض العبرات، رحل ونرى الألم يعصر أبناءه وأشقاءه والدموع تذرفها عيون الشيخين سعد وعبد العزيز وكل من يعرفه ففي كل جهة في المقبرة ترى صور وألوان الحزن والبكاء المؤلم والتأثر بالفراق صفحة العمر انطوت ورحل أبو بندر الرجل السمح الكريم تُطوى أمام ناظر القريب والمحب والصديق ليترجل الفارس بعد مشوار حافل بسجله الذهبي بأنصع الصفحات في مجالات الخير والبر والإحسان.

توفي والجميع يدعون له بالمغفرة والرحمة وجميع أنشطته التجارية له فقط فلم يفتح مساهمات أو يطور أو يستثمر لطرف آخر وكان رحمه الله يحذر من (أموال الناس وحقوقهم) ولكن ممّا يخفف ألم الفراق بفقده، واللوعة برحيله أن هذه سنّة الله في خلقه ?كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ?، و?كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ?..

لقد كان فقيدنا الغالي الذي لا يعوّض فهد بن عبد العزيز الموسى - يرحمه الله - في سيرته ومسيرته مثال وأنموذج الرجل الصالح، والإنسان المثالي في علاقاته وتعامله مع أبناء مجتمعه، مَن يعرفه ومَن لا يعرفه، تغمر قلبه الطيبة الطيبة المتناهية، والحب الفطري الأصيل لفعل الخير، كريمًا بأبهى صور البذل والسخاء عن أريحية، وطيب نفس يصدق فيه قول الشاعر:

تراه إذا ما جئته متهللاً

كأنك تعطيه الذي أنت سائله

لقد عرف الجميع أبو بندر رجلاً له مكانته، تأسرك خصاله الكريمة، وتدفعك إلى احترامه وتقديره سلوكياته الحميدة، ومواقفه المشرفة، لأنه يتعامل مع الجميع بأخلاق الرجال الكبار، بتواضع ونخوة وشهامة.. عاش - رحمه الله - مخلصاً لا يدّخر جهداً في السعي لتحقيق رغبة المحتاجين بقلب مفتوح، وبنفس سمحة رضية لم يزعج جاراً أو يقلق صديقاً، بل باراً بوالديه وأعمامه وأشقائه واصلاً للرحم نراه متواصلاً يومياً بالهاتف بأبنائه الذين يدرسون خارج المملكة وقد زاده الله من فضله، وأوسع رزقه، ولم يزده البذل والعطاء إلاّ خيراً مضاعفاً مصداقاً للآية الكريمة: ?مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ?.

وللفتى من ماله ما قدمت يداه قبل موته لا ما اقتنى لقد قرأت أخلاقيات الرجل 45 يوماً في رحلات أبها الصيفية ورحلة صيف العام الماضي كانت الوداع في رحلات البر والفقع والربيع ففهمت سلوكياته المعطرة بحب فعل الخير فلا يتدخل في شؤون الطرف الآخر ويحب للناس كما يحب لنفسه يقدر الكبير ويعطف على الصغير نراه دائماً يحذر من الحسد وقطع الأرزاق والتباغض والتناجش والنميمة والغيبة.

عرفته قبل 15 عاماً بابتساماته الدائمة وخجله وكرمه واحترامه للصغير والكبير وحسن استقباله لمن يزوره في بيته أو في مكتبه أومزرعة العمارية.

في المناسبات يستقبل الضيوف في منزل والده الشيخ عبد العزيز الموسى بأخلاقيات الترحيب والبشاشة والاحترام والابتسامات المعبرة الدائمة بتواضع ولين جانب وكرم وحسن استقبال معطر بكلمات الترحيب الهادئة والأدب الجم.

مهما قلت في (أبو بندر) فلن أوفيه حقه هذا الرجل المثالي الإنسان الذي ودّع الحياة بصفات خلقه (الهدوء والتسامح) ونحن أحوج ما نكون لأمثال هؤلاء الرجال بصفات الوقار والاحترام وطيب الحديث ولين القلب لكن سنجدها إرثاً موروثاً في أخلاقيات أبنائه البررة الذين يحملون تلك الصفات والمزايا الحميدة التي تجسد روح الأبوة الحانية التي ستبقى لهم ولأسرتهم عنوان مجد ولوحة وفاء لوالدهم وللأسرة الكريمة (أسرة الموسى) التي عرفت بالدين والتواضع وكرم الخلق ولين الجانب.. واليوم وقد فارقنا إلى الأبد، ورحل عن دنيانا الفانية وإلى أن يجمعنا الله به في دار كرامته، ومستقر رحمته لا نملك إلاّ أن نرفع أيدينا إلى السماء إلى صاحب الكرم والجود إلى المولى - عزَّ وجلَّ- ندعوه من قلوبنا بأن يغفر لفقيدنا ويرحمه، ويكرم نزله، وأن يجعل قبره روضة من رياض الجنة، وأن يلهم أهله وذويه وكافة محبيه الصبر والاحتساب، والله المستعان.

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد