فيينا - نعمان كدوه
في وقت تشهد فيه الساحة الدولية مداً وجزراً في علاقة الحكومات بشعوبها، وعلاقات الدول ببعضها البعض؛ يواصل كتاب صحيفة الجزيرة الذهبي «ملك نحبه» والذي يتناول حياة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وإنجازاته على الصعيدين الداخلي والدولي، انتشاره على المستوى العالمي بتخطّيه الحدود اللغوية، بعد أن تُرجم إلى اللغة الألمانية، إثر تدشينه من قِبل معالي وزير التعليم الأستاذ الدكتور خالد بن محمد العنقري في عاصمة جمهورية النمسا الاتحادية - فيينا - أثناء زيارته الرسمية؛ تلبية لدعوة معالي وزيرة العلوم والبحث العلمي الأستاذة الدكتورة كارل بياتركس، ليعلن بذلك الانتهاء من أضخم مشروع ترجمة للملحقية الثقافية بالنمسا من اللغة العربية إلى اللغة الألمانية، استمر قرابة 18 شهراً، وضم نخبة من المترجمين الأكفّاء والمدققين والمراجعين من أعرق الجامعات العالمية والمعاهد المرموقة.
أُعلن صدور المشروع من قِبل معالي الوزير الدكتور خالد العنقري في مدينة فيينا، وبتشريف سمو سفير خادم الحرمين الشريفين لدى جمهورية النمسا الاتحادية الأمير منصور بن خالد آل سعود، وبحضور الوفد المرافق لمعالي الوزير في زيارته الرسمية، والمكوّن من عدد من مديري الجامعات السعودية، ووكلاء الوزارة ومنسوبيها، وأعضاء هيئة التدريس بالجامعات السعودية. بالإضافة إلى لفيفٍ من الدبلوماسيين السعوديين والمهتمين والمختصين، وجمع من الطلبة السعوديين. ويمثل صدور كتاب مثل «ملك نحبه» باللغة الألمانية رافداً للمتخصصين والمهتمين والإعلاميين بسيرة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله-، الذي اجتذب الأنظار العالمية بحكمته وأياديه البيضاء، خاصة وأنّ الكتاب في نسخته العربية، والصادر عن مؤسسة الجزيرة للصحافة والنشر، قد اتسم بالشمولية والموضوعية في الطرح، والتطرُّق إلى أهم الأحداث التاريخية العالمية، والمواقف التي تمثل منعطفات مفصلية في مختلف الأصعدة الإنسانية والسياسية والقيادية، والتي لا غنى لكل متتبّع لتلك الأحداث من الوقوف عليها، واستقراء حكمة وجرأة وصدق وشفافية هذا القائد العظيم، والذي استوقف الساسة والشعوب بأفعاله قبل أقواله، وبمواقفه الإنسانية، وآرائه المحنكة. بالإضافة إلى اعتماده على العديد من المراجع والمصادر والوثائق الموثوقة، وقد وثِّق بصور رافقت جميع المواقف والأحداث، ويُعَد الكثير منها نادراً ومما لم يُنشر من قبل. ولم يصدر حتى الآن كتاب آخر عن خادم الحرمين الشريفين أبرز الكثير عن حياته وسياسته ومواقفه وإنسانيته يضاهي ما تضمّنه «ملك نحبه».
وقد قدّم للكتاب سمو ولي العهد الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام. وجاء في تقديم سموه شعوره بأنّ عنوان هذا الكتاب ينزل من سويداء قلبه، وهو ما ينطق به كل مواطن، بل وكل عربي ومسلم في داخل البلاد وخارجها. فعبد الله بن عبد العزيز يسكن بين الجوانح عند كل هؤلاء. كما اعتبر أنّ إصدار مؤسسة الجزيرة للصحافة والنشر لهذا الكتاب يُعَد أصدق تعبير للوفاء الذي يتسم به شعب المملكة العربية السعودية ومؤسساته الوطنية. وقد نَعَت الإصدار في تقديمه بالجودة في الطرح، والشمول في التغطية، وبأسلوب صادق حميم يعبِّر عن خالص الوفاء لمليك كلنا نحبه.
كما صدر للكتاب في نسخته الألمانية صاحب المعالي وزير التعليم العالي الأستاذ الدكتور خالد بن محمد العنقري. وقد وقف على الإعجاب العالمي بشخصية خادم الحرمين الشريفين القيادية والحكيمة، والذي حفه - حفظه الله - حيثما حلّ وارتحل، وهو ما يعكس مشيئته تعالى أن تقترن كلمة المحبة باسمه - حفظه الله ورعاه -. وذكر أنه من الوفاء أن يحفظ التاريخ في صفحاته مسيرة هذا القائد مع هذا الوطن ومواطنيه منذ توليه سدّة الحكم المديد، وتحقق العديد من الإنجازات والأعمال والمشاريع والعطاءات التي تجسّد حرصه واهتمامه بكل ما يحقق رفاهية المواطن. وهذا ما يستشعره كافة أفراد الشعب مع إشراقه شمس كل يوم جديد. حيث تتوالى العطاءات من أجل الوصول بالوطن ومقدراته ومواطنيه إلى ذروة المجد. مترجماً نهجاً حقيقياً وفريداً لاهتمام القيادة بالمواطن، ومثبتاً حبّاً صادقاً انعكس على الكثير من مشاريع الخير والنماء، التي ألقت بظلالها على التنمية الشاملة، التي تصل ثمارها إلى كل شبر من الوطن وإلى كل مواطن. وبالمثل فلا تغرب شمس يوم إلا وقد سُجل في صفحاته تربّعه - سلّمه الله - في قلب العالمين العربي والإسلامي؛ خاصة وهو يمثل رحالة السلام للجمع بين زعماء الدول العربية والعالمية.
واعتبر معاليه ترجمة هذا الكتاب من الجهود الأكاديمية التي تعنى بالتراجم والسير، والتي سُعي إلى ترجمتها باللغة الألمانية دعماً لمثل هذا النوع من الحقول العلمية، وإنصافاً لمثل هذه الشخصية الفذّة التي أسرت العالم بفعالها. وترجمة لفلسفته إزاء الجهود العلمية، خاصة وهو من يردد دائماً إن الأوطان لا تبنى ولا تتطوّر وتتقدم إلاّ بالعلم والمعرفة... وإن الشباب هم عماد الوطن ومستقبله، وهم القادرون على تحقيق طموحات أمتهم متى تسلّحوا بالعلم والمعرفة. ومن هذا المنطلق، فإن دور الملحقيات الثقافية لا يتوقف على دعم النهل المعرفي للطلبة الدارسين؛ وإنما يتعدّاه إلى أبعد من ذلك، مما يقرّب بين الحضارات المختلفة، ويجمع بين الثقافات المتعددة؛ بما يدعم الحقيقة والمعرفة والعلوم والثقافة. ومن هنا تأتي ترجمة هذا الكتاب إلى اللغة الألمانية لتدلل على ذلك النهج الذي تنتهجه وزارة التعليم العالي في المملكة العربية السعودية.
كما تمنى معاليه أن تكون هذه الترجمة بذرة لترجمات قادمة بلغات أخرى، وأن ينتفع المختصون والأكاديميون والإعلاميون بهذا المشروع، وأن يقدم مادة للباحثين الذين تكون مادة أبحاثهم المملكة العربية السعودية أو خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز.
وقد كانت فكرة الكتاب من بنيات أفكار رئيس تحرير صحيفة الجزيرة الصحفي المخضرم الأستاذ خالد بن حمد المالك، وقد ذكر في تصديره لنسخته العربية عن الفكرة بأنها بدأت في ذهنه كعمل إعلامي كبير ينبغي أن يصدر عن صحيفة الجزيرة بمستوى يليق بمن يُتحدث عنه - وهو الملك عبد الله بن عبد العزيز - انطلاقاً من محبتنا له؛ لقاء ما أعطى وبذل وجاهد وأنجز من أجل أن يسعد شعبه، فاستحق بذلك أن يكون ملكاً نحبه، وقائداً يجب أن نرصد إنجازاته وأن نوثقها لإعلام الآخرين بها، وتمكينهم من الاطلاع عليها.
وقد عمد إلى أن يبتعد الإصدار عن السرد العاطفي الذي ينأى بالقارئ عن التتبع التاريخي لكل مراحل حياته الحافلة بالكثير من الإنجازات. وقد تم الركون إلى المعلومات الموثقة المستندة إلى المصادر لتوثيق تلك الإنجازات. مع الاهتمام بالالتزام بمنهجية في كتابته، والجودة في إخراجه.
وتعود فكرة مشروع ترجمة الكتاب من اللغة العربية إلى اللغة الألمانية للملحق الثقافي بالنمسا الدكتور عبد الرحمن بن حمد الحميضي. وعن الباعث الذي وقف خلف هذا المشروع الضخم يقول الدكتور الحميضي: « حظيت شخصية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود بحب وتقدير كبيرين ليس على الصعيد المحلي وحسب، وإنما على الصعيد الأوروبي. وهذا ما انعكس من خلال الجولة الأخيرة التي قام بها إلى عدد من الدول الأوروبية. والتي أظهرت مدى الإعجاب بشخصيته القيادية والحكيمة الفذة.
ولذلك وبعد أن اطلعت على كتاب «ملك نحبه» ووجدت فيه مادة ثرية، تعكس للباحث والمتابع الكثير عن شخصية خادم الحرمين الشريفين، بالإضافة إلى كونه كتاباً يدخل ضمن التراجم، والتي تهم الباحثين المتخصصين في مثل هذه الجوانب، كما أنه قد أرَّخ للعديد من المواقف السياسية والتاريخية والإنسانية، والتي يصعب حصرها بين دُفّتي كتاب. فوجدت في إصدار مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر ما سدّد وقارب في الجمع والتأريخ لهذه الشخصية. ولذلك لم أتردد في رفع المقترح إلى معالي وزير التعليم العالي الأستاذ الدكتور خالد بن محمد العنقري؛ رغبة في توفير مادة علمية وبحثية ثرية عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بشكل خاص، وعن المملكة العربية السعودية بشكل عام، وبلغة أجنبية.
لم تخفَ على معاليه الجوانب العلمية والأكاديمية والأدبية التي ستُخلق من خلال هذا المشروع؛ ولذلك أيّد معاليه الفكرة، واشترط أن تكون الترجمة والطباعة على أرقى مستوى، وعلى أن تُراعى حقوق الطباعة والنشر.
أخذ المشروع يشقُّ طريقه ليرى النور. وشرعت الملحقية الثقافية بالنمسا في مخاطبة رئيس مجلس إدارة مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر الأستاذ مطلق بن عبد الله المطلق؛ من أجل الحصول على حقوق الترجمة والطباعة. وقد وافقت المؤسسة الرائدة فوراً على منح الملحقية الثقافية بالنمسا حقوق ترجمة الكتاب وطباعته وتوزيعه باللغة الألمانية. مبدية رغبتها في الإسهام في تحقيق هدف وطني ثقافي نبيل خارج المملكة وعلى مستوى القارة الأوروبية والعالم.
وبعد صدور الموافقة من معالي وزير التعليم العالي, وأخذ الحقوق لهذا السِّفر شكّلت الملحقية الثقافية على الفور فريقاً علمياً متخصصاً للقيام بأعمال الترجمة. وقد ضم فريق العمل نخبة من المتخصصين، من أساتذة الجامعات النمساوية وعلى الأخص جامعة فيينا، ومعهد علوم الاستشراق. حيث تُعتبر جامعة فيينا من أقدم الجامعات الأوروبية المتحدثة باللغة الألمانية. وقد تأسست على يد الدوق رودولف الرابع، عام 1365هـ، وتُدرَّس بها أغلب التخصصات العلمية والنظرية.
كما يُعد معهد علوم الاستشراق من أعرق معاهد جامعة فيينا، ويضم قسماً لدراسة اللغة العربية وآدابها. والجدير بالذكر أنّ تقليد الاهتمام بالدراسات الشرقية، والإسلامية على وجه الخصوص، يعود إلى المستشرق الشهير يوزف فون هامر بورغشتال، مؤسس أكاديمية العلوم النمساوية، وأول رئيس لها في مطلع القرن التاسع عشر.
وعن المشاركين في هذا المشروع ودورهم؛ كانت مجلة السفير الثقافي الصادرة عن الملحقية الثقافية بالنمسا قد وقفت مع فريق العمل الذي وقف على أعمال الترجمة، وأوردت انطباعاتهم عن المشروع وأدوارهم فيه. وقد وثقت التالي:
د. فاطمة مونيكا مولبوك:
أستاذة الدراسات العربية والإسلامية بمعهد الاستشراق بجامعة فيينا. تقول عن مشاركتها في المشروع:
اتصفت مهمتي في هذا المشروع الضخم في المراجعة النهائية للترجمة من الناحية التاريخية، وأسماء الشخصيات والأماكن، ونقلها إلى الألمانية، ومن ثم مراجعة الصيغة النهائية بما يتماشى مع اللغة الألمانية والقارئ الألماني بسلاسة، مع الحرص على عدم اختلاط المعاني. حيث إن اللغة العربية لغة جزلة وشاعرية، بينما اللغة الألمانية لغة وصفية وذات جمل وتراكيب طويلة. وقد اخترت لهذه المهمة بحكم تخصصي في الدراسات العربية والإسلامية بشكل عام، وبحكم كتاباتي المتخصصة عن منطقة الخليج العربي والأسر الحاكمة فيه، وتطرقي إلى الجوانب الإعلامية والأماكن والآثار والمكتبات فيه، بالإضافة إلى تجوالي في العديد من الدول العربية للبحث والدراسة، والتقائي بالكثير من الأمراء والوزراء والمسؤولين. بما خدمني في الوقوف على المعلومات الثرية التي تمنها الكتاب، ونقلها إلى القارئ الألماني بيسر وسهولة وسلاسة.
ومما لا شك فيه أنّ العمل في هذا المشروع الذي يُعنى بهذا القائد الفذ الذي أسر قلوب الملايين قد استفدت منه الكثير، وذلك بالوقوف على الكثير من المعلومات الجديدة بالنسبة لي، ومراجعة بعضها الآخر، والتأكد من بعض المعلومات التي مرت عليّ والتي بدت موثقة بدقة في هذا المرجع.
آملة أن يسهم هذا المشروع في إفادة الدارسين والباحثين الأوروبيين، بما ينقل لهم الكثير مما يخفى عنهم عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ومواقفه، بالإضافة إلى العديد من المواقف والأحداث التاريخية والسياسية والإنسانية، والنقلات الحضارية المتعلقة بالمنطقة بشكل خاص، وبالعالم بشكل عام.
- البروفيسور أنس بن حسن الشقفة:
رئيس الهيئة الدينية الإسلامية بالنمسا، يتقن اللغة العربية والألمانية بطلاقة، ويُعد مترجماً معتمداً لدى الجهات الرسمية الناطقة باللغة الألمانية. وله العديد من الإنتاجات العلمية والترجمات في مجال الدراسات الإسلامية والثقافة العربية.
وعن مشاركته في المشروع قال: «لم أشارك مباشرة في ترجمة هذا الكتاب، عُهد إلي بمراجعة النصوص المترجمة لتدقيقها والتأكد من مطابقة النص الألماني المترجم مع النص العربي الذي نُقل عنه، إضافة إلى التحقق من صحة المصطلح الألماني ومن مطابقته للمصطلح العربي الوارد في نص الكتاب، هذا مع إسداء المشورة فيما يتعلق بسلاسة العبارة اللغوية الألمانية في النصوص المترجمة، ومدى اندراجها في النص اللغوي الألماني المألوف لدى القراء في المنطقة المتحدثة باللغة الألمانية في وسط أوروبا.
ومن خلال تلك المراجعات اتضح لي مدى جسامة المهمة المنوطة بفريق الترجمة، نظراً لاتساع الفجوة اللغوية بين لغة الكتاب الأصلية، وهي لغة سامية عريقة قديمة، تميل إلى الإيجاز حيناً وإلى الجزالة والفخامة اللغوية في أكثر الأحيان، وبين لغة النص المترجم وهي لغة جرمانية تميل إلى الصرامة اللفظية والتعبير المباشر المحدد معنىً ومبنىً. هذا إلى جانب التنوُّع الكبير في مواضيع وأبواب وفصول الكتاب؛ نظراً لتناوله مختلف الجوانب التي تذخر بها إسهامات وفعاليات وإنجازات شخصية رئيسية ومركزية هامة، ساهمت في وقت مبكر في بناء الدولة السعودية الحديثة وما زالت ثرّة العطاء، ألا وهي شخصية الأمير الفارس، والوزير المدبر، وولي العهد نائب الملك، ثم ملك المملكة العربية السعودية وخادم الحرمين الشريفين عبد الله بن عبد العزيز آل سعود.
حياة حافلة بالأحداث الجسام، ثرية بالنشاطات والفعاليات لتعدد وجزه الاهتمام وتنوّع المهام الملقاة على كاهل صاحبها منذ حداثة الصبا وحتى سن الحكمة والوقار. كل ذلك التنوع انعكس في نصوص الكتاب الأصلية، مما جعل من مهمة المترجم عسيرة، إن لم نقل تكاد أن تكون مستحيلة، غير أنّ قيام فريق من عدّة أشخاص بالتعاون على إنجاز العمل سهّل المهمة إلى حد كبير، هذا إلى جانب قيام أكثر من شخص متخصص بمراجعة النصوص المترجمة وإبداء المشورة لتعديل ترجمة مصطلح هنا، أو إعادة صياغة عبارة هناك، أو تحوير جملة لغوية لتصبح أكثر ملاءمة للمألوف المعتاد لدى القارئ المتلقي في الدائرة الثقافية الألمانية.
لم تكن مهمة إنجاز هذا المشروع الكبير بترجمة هذا السِّفر الضخم بالصورة الأقرب إلى تحقيق الغرض المنشود من، ألا وهو تعريف القارئ الألماني ليس بشخصية حاكم عربي كبير هو خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز فقط، بل تعدّى ذلك إلى تقديم صورة تكاد تكون متكاملة عن الحياة الفكرية والثقافية والاجتماعية والموروث الشعبي للمجتمع السعودي والتطورات التي طرأت على كل هذه الجوانب خلال العقود الأخيرة. أقول لم تكن مهمة إنجاز هذا المشروع ممكنة التحقيق، لولا المتابعة المستمرة والرعاية الدائمة لهذا المشروع من قِبل الملحق الثقافي السعودي بالنمسا الدكتور عبد الرحمن بن حمد الحميضي، الذي جعل أمر إخراج ترجمة كتاب «ملك نحبه» مترجماً إلى اللغة الألمانية شغله الشاغل.
- الدكتور محمد بشير علية:
يعتبر كتاب « ملك نحبه « من كتب التراجم والسير الذاتية القيمة التي لا بد وأن تترك في نفس كل من انكب على قراءته أثراً لا أخاله يُمحى من المخيلة بسهولة. ذلك أن هذا الكتاب، الذي تزدحم فيه المعلومات الوفيرة عن حياة الملك عبد الله ومسيرته على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، سواء المتعلق منها بالمملكة، أو بالمحيط العربي، وأيضا بالمحيط الدولي. ومنذ أن كان ولياً للعهد وحتى استلامه سدة الحكم في المملكة؛ إثر وفاة شقيقه - المغفور له بإذن الله - الملك فهد بن عبد العزيز.
يُعتبر هذا الكتاب بحق كتاباً وثائقياً بامتياز؛ إذ لم تُذكر فيه واقعة تاريخية لها صلة بشكل أو بآخر بحياة الملك عبد الله، أو بمسيرته السياسية إلا وتم توثيقها بالصور والوثائق. مما أضفى على الكتاب مصداقية لا جدال فيها. ميّزته عن غيره من كتب السير الذاتية والتراجم التي غالباً ما يكتبها أصحابها أنفسهم، مما يبعدها بنسبٍ متفاوتة عن الموضوعية. أو الأخرى التي يكتبها الآخرون عنهم دون توثيق لأغراض معيّنة.
ومن خلال مشاركتي في ترجمة هذا الكتاب؛ تجدر بي الإشارة إلى بعض الصعوبات التي واجهتني أو التي واجهتها، وتمكنت - في اعتقادي - من التغلُّب على معظمها أثناء قيامي بالترجمة. تلك الصعوبات يمكن إيجازها فيما يلي:
- إنّ غزارة الوثائق التي أرّخت لحياة الأمير ثم الملك عبد الله، وعلى الأخص منها تلك التي تضمّنت العديد من المصطلحات والعبارات المستعملة في المملكة؛ حتمت عليّ الإستنارة ببعض المصادر السعودية بشكل خاص، والخليجية بشكل عام؛ لكي أتمكن من فهمها واستيعاب أبعادها حتى أتجنّب الوقوع في الخطأ أو الالتباس.
- توجب عليّ تحري الدقة بقدر الإمكان. وفي الوقت نفسه مراعاة العقلية الغربية عند ترجمة ألفاظ ومعاني بعض الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية الشريفة، والعبارات الدينية والقومية التي كثيراً ما كان الملك عبد الله يستشهد بها ويستخدمها تيمُّناً وتبرُّكاً. كما أن الاكتفاء في أغلب الأحيان بتأريخ الأحداث والوقائع اعتماداً على التقويم الهجري فقط، جرياً على ما هو معمول به في المملكة العربية السعودية، تطلّب مني تحويل التواريخ الهجرية إلى تواريخ ميلادية مع الحرص على أن تكون متطابقة تمام التطابق في كل النصوص.
وبهذه المناسبة أرى لزاماً عليّ أن أشير إلى أنني قد استفدت كثيراً من المعلومات الوفيرة الواردة في هذا المؤلف، والتي ترسّخت في الذهن بفضل إقدامي على ترجمتها. وأعتقد بأنه لا غنى لكل باحث عربي أو غير عربي، يسعى إلى تأريخ وتوثيق هذه الحقبة الهامة للمملكة العربية السعودية عن الاعتماد على هذا المرجع الأساسي.
وبقى عليّ أن أنوّه بالجهود التي بذلت في تحرير هذه المادة الغزيرة التي ضمّها هذا المؤلف، وجمع الوثائق وتنسيقها وتقديمها للقارئ في حلة جميلة حوت في طياتها فوائد جمة.
- الدكتور حسن محمد الشماع
أستاذ الأدب العربي بكلية الآداب بجامعة الملك سعود سابقاً -:
عندما عهد إلي الدكتور عبد الرحمن بن حمد الحميضي - الملحق الثقافي في النمسا - بترجمة ثلاثة فصول بواقع 235 صفحة - من الكتاب الذهبي - ملك نحبه، الصادر عن مؤسسة الجزيرة للصحافة والنشر، في الرياض عام 2007م؛ رحت أقلِّب هذا السِّفر الضخم, ثم عزمت على مطالعته, وشرعت بقراءة الفصول الثلاثة قراءةً متأنيةً. وعندما فرغت منها اتضح لي مدى صعوبة المهمة الملقاة على عاتقي، والمتاعب المحفوفة بهذا العمل, ناهيك عن المدة الزمنية المحددة لإنجازه.
إن الكتاب يتضمّن سيرة حياة جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود, مع خلفية لتاريخ الدولة السعودية الثالثة, منذ نشأتها وحتى تاريخ صدور هذا السَّفر.
بَقَيْتُ لأيام متردداً, تارة يدفعني حب التحدي, وأخرى يثنيني الخوف من الخوض في عالم مجهول. قد لا أُوفَّق في إنجازه في الوقت المحدد.
أخيراً شرعت بالعمل مواصلاً الليل بالنهار. أقرأ النص مرةً ومراتٍ لإدراك المعاني وهضم الأفكار واستيعاب المفاهيم، بالإضافة إلى المصطلحات العسكرية والطبية والاقتصادية وغيرها, ليتسنى لي صياغتها في صورة تلائم ذوق القارئ الألماني على المستوى الأكاديمي.
لقد توقفت لساعات طوال عند بعض العبارات والمقاطع، معيداً صياغتها وسبكها بأشكال مختلفة وبصور متعددة. ثم رحت أعرضها على ذوي الاختصاص في اللغة الألمانية وحقل التأليف؛ لأستشف مدى تذوّقهم لمضمون النص وصياغته. فإن كان الرضى أودعته صفحات الكتاب.
إن تلك الفصول الثلاثة التي عشت معها خلال تجربتي ولمدة نصف عام على التقريب، لا تخلو من مواقف عاطفيةٍ وأحاسيس إنسانية مرهفة. وكلما أمعنت النظر فيها ازددت تعاطفاً معها, تَحْدوني رغبة جامحة لصقل تلك التجارب والصور إلى القارئ الأجنبي.
إن إقامتي في مدينة الرياض ردحاً من الزمن, بلغت ستة عشر عاماً, أعانتني على تفهُّم وهضم واستيعاب خلفيات النص. كما كانت لتجاربي السابقة في ترجمة بعض النصوص والبحوث وكتب ألمانية إلى اللغة العربية منها على سبيل المثال لا الحصر «كتاب الجيم» لموُلفه البرفسور فيرنر ديم عن المعاجم العربية، ورواية «صراع فوق المحيط» لسدني بونس اللذان تم طبعهما ونشرهما في الرياض - أثرها في تسهيل المهمة -
وخلاصة القول: إن النقل من لغة الأم إلى لغة أجنبية وخاصة في عالم الكتب - هو أكثر مشقة وأصعب مراماً من ترجمة النص الأجنبي إلى لغة الأم.
بهذه المناسبة أود أن أنقل تجربتي المتواضعة لطالب الدراسات العليا - بخاصة الإنسانية منها - وهو يُعدّ رسالة الماجستير, أو أطروحة الدكتوراه بلغة أجنبية, عليه أن يعتصم بالصبر والأناة وطول البال في تنسيق أفكاره وسبك عباراته؛ للتأكد من سلامة صياغتها, ثم عرضها على ذوي الاختصاص ليستأنس بآرائهم, والأخذ بمشورتهم بما يلائم طبيعة عمله مع الإشارة إلى ذلك.
إن هذه المحاولة لا تقلل بأي حال من الأحوال من شأن العمل الأكاديمي والمجهود العلمي، بل تدعمه وتعززه بخلاصة تجارب الآخرين. ويحضرني في هذا المضمار, في جانب الاستشارة قول الشاعر العباسي بشار بن برد مخاطباً الخليفة أبا جعفر المنصور:
إذا بَلَغَ الرأيُ المشُورةَ فاسْتَعِنْ
برأي نَصِيحٍ أو نَصِيحةِ حَازمِ
ولا تَجْعَلِ الشُورى عَليكَ غَضَاضَةً
فَرِيشُ الخَوافي قُوةٌ للقَوادِمِ
- الأستاذ أمير بن أديب زيدان:
عندما طُلب مني ترجمة بعض فصول كتاب «ملك نحبه»، قبلت هذا الطلب رغم انشغالي في أعمال أخرى كثيرة، تملك عليّ جل وقتي. وكان دافعي إلى ذلك الفضول المعرفي، حيث إني لم أكن أعرف الكثير عن تاريخ المملكة الحديث ولا عن التطورات التي أدت إلى توحيد المملكة وتأسيسها. ورغم أن الكتاب يزخر بالتفصيل الكثير، إلاّ أنه يزوّد القارئ بمعلومات قيّمة، تتيح له تكوين تصوّر عن الأحداث الهامة والشخصيات الفعّالة فيها.
وأكثر ما أثار انتباهي وجذبني في هذا الكتاب موضوعان هما شخصية الملك المؤسس عبد العزيز وأعمال الملك عبد الله منذ توليه سدة الحكم.
وقد أثارت جوانب من شخصية الملك عبد العزيز في نفسي الكثير من الإعجاب والإكبار، وخاصة تلك التي تتعلّق بتواضعه وكرمه وشجاعته، وتسامحه مع أعدائه وخصومه، ودهائه السياسي واهتمامه بأسرته، مما دفعني لقراءة كتب أخرى عنه للتعرف على شخصيته الفذة بشكل بحثي موضوعي.
وأما إنجازات الملك عبد الله في المملكة والمشاريع العملاقة، التي أطلقها منذ توليه سدة الحكم، فهي مثار إعجاب كل عربي ومسلم ودلالة على عزمه للمضي في مسيرة النهوض بكل المملكة إلى الأمام دون ميزة لمنطقة على أخرى.
لقد حاولت في ترجمتي للأبواب التي عهد بها إلي أن أراعي الفهم الغربي للعبارات مع محاولة نقل روح النص العربي وخصوصيته وخاصة الديني منه إلى اللغة الألمانية. وهذا الأمر ليس من الأمور السهلة، فاللغة الألمانية سياسياً تحمل صبغة خاصة بعيدة عن عبارات التبجيل والتفخيم والمديح المتعارف عليه ثقافياً في بيئتنا العربية. وأما دينياً فهي مما لا يخفى على أحد مصبوغة ومنذ مئات السنين بالطابع الكنسي واصطلاحاته، وهي لا تتماشى في أحيان كثيرة مع المصطلح الشرعي الإسلامي. ولذلك فقد قمت أحياناً باستعمال المصطلح الشرعي في النص الألماني مع التنويه إلى معناه المفصل في الهامش.
أرجو أن يصدر هذا الكتاب ليعرّف بتاريخ المملكة الحديث وليثير فضول بعض الباحثين للتعمّق في بحث بعض المواضيع بشكل أعمق، كالبحث في شخصية الملك المؤسِّس عبد العزيز، والتي يتعلم المرء منها الكثير بحق.
- الدكتور كريم أديب أوغلو:
اقتصر عملي في هذه الترجمة على التصحيح والتنقيح للنص المُترجم. وكما هو الحال في جميع الترجمات من لغة غير أوروبية إلى لغة أوروبية، فإن الأمر يتطلّب جهداً نقلياً كبيراً. فعلى المترجم معرفة الثقافة التي ينقل منها وواقع الثقافة التي ينقل إليها.
وعند السؤال عن الترجمة الحرفية، فالواقع أن الالتزام الحرفي بالنص لا يعني الأمانة في النقل، وخاصة إذا كان تأثير الجملة المترجمة حرفياً لا يحدث نفس الأثر في اللغة المترجم إليها. فأين تكون الأمانة في الترجمة الحرفية إذا ما ترجمنا حرفياً مثلاً أحد الألقاب السامية من اللغة العربية ليكون محل سخرية في اللغة المترجم إليها لعدم استعماله بنفس الطريقة فيها؟
وهناك صعوبة في نقل الجمل العربية الطويلة وكثرة التكرار فيها وإن كان بألفاظ جديدة. وكذلك ترجمة العناوين الطويلة كما هي، مما لا يتناسب مع أسلوب اللغة الألمانية التي تفضل الجمل القصيرة والعناوين المقتضبة.
وواجهت صعوبة في ترجمة بعض المصطلحات الشرعية مثل البيعة مثلاً، فالأمر هنا يحتاج إلى شرح في الهامش لتجاوز ما قد يحدث من سوء فهم، عند الاقتصار على معلومات مبسطة في ذلك.
- سلمى شولها قولزارين:
خلال تجربتي في مجال تدريس اللغات والترجمة، والتي امتدت لأكثر من عشرين عاماً؛ كان الأهم بالنسبة لي دائماً الربط بين الثقافة واستخدام اللغة. وعند انضمامي إلى فريق ترجمة كتاب (ملك نحبه) من اللغة العربية إلى اللغة الألمانية؛ بدت لي عناصر الإثارة والتشويق والتحدي؛ أمام مهمة نقل معلومات من هذا النوع وبهذا الحجم من لغة إلى أخرى، على الرغم من أن دوري في هذا المشروع لم يتصل بالترجمة، وإنما تجسّد في الجمع والتقريب بين الترجمات المختلفة من عدة مترجمين، ومن ثم التصحيح اللغوي والأسلوبي، وتوحيد المصطلحات، وطريقة كتابة الأسماء.
بدا لي ومنذ البداية أن اللغة الجيدة والفنون والمهارات اللغوية، والأساليب البيانية والمحسنات البديعية لا تكفي وحدها، ولا تفي بمفردها لإيصال مضمون هذا الكتاب إلى نخبة القراء. حيث تضمّنت النصوص جملاً أدبية، صيغت بأساليب بلاغية، أٌريد بها إيصال مغزى معيّن. إلاّ أن بعض تلك الجمل والصياغات والتراكيب لا يمكن ترجمته إلى الألمانية، والبعض الآخر منها لا يمكن نقله كما هو؛ لأنها قد تقود إلى معاني أخرى. بالإضافة إلى احتواء النصوص على مصطلحات من نوع خاص تطلّبت البحث عنها في معاجم اللغة وقواميسها.
من حسن الحظ أن الملحق الثقافي، الدكتور عبد الرحمن الحميضي كان على دراية بما يدور خلف كواليس ترجمة هذا المشروع الضخم، ولذلك أنقذ تدخله وتخطيطه الموقف، وذلل الكثير من العقبات والصعاب. حيث عقد الكثير من اللقاءات بين فريق العمل بأكمله؛ من أجل التباحث حول آلية العمل، والنقاش حول المستجدات وخطط العمل، وجلسات أخرى للعصف الذهني من أجل إيجاد منهجية موحدة للعمل، وتلافي تكرار الجهود. وقد تكررت تلك اللقاءات بصفة دورية عقب كل مرحلة من مراحل المشروع، بالإضافة إلى متابعته الشخصية عن طريق الهاتف أو الفاكس أو البريد الإلكتروني. وبفضل هذه الآلية المنظمة تم تلافي الكثير من الإشكاليات، والتوصل إلى حلول نتج عنها توحيد آلية العمل والمصطلحات وطريق توصيف الأحداث وبعض المعاني. ومثال ذلك اتفاق الفريق على آلية الهوامش التوضيحية، والتي تشرح للقارئ الكثير من الكلمات التي لا أساس لها في الألمانية، والأخرى التي قد تقود إلى معان أخرى. بالإضافة إلى انتهاج مبدأ تحديث بعض المصطلحات، والتي كانت تترجم في القواميس والمعاجم بمعنى معيّن، وأصبح لها في الوقت الراهن معنى جديد، أو الأخرى التي أصبح لها وقع سلبي على القارئ؛ بسبب استخدامها الإعلامي والاجتماعي الموجّه والمؤدلج.
بدا لي كتاب (ملك نحبه) من خلال مشاركتي فريق المشروع أعمال الترجمة أنه من كتب التراجم والسير التاريخية الوثائقية الهامة؛ وذلك كونه يوثق لمراحل عدة من حياة الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية. بالإضافة إلى أعماله ومواقفه وآرائه وحكمه على الصعيد الداخلي والعربي والإقليمي والدولي.
تُعد مشاركتي في ترجمة هذا الكتاب إثراءً كبيراً بالنسبة لي؛ حيث زوّدتني المشاركة في هذا المشروع بمعلومات جديدة، وهيأت لي أجواء متميزة في نطاق تبادل الخبرات مع الزملاء في فريق العمل. حيث إن كل واحد منهم له تجربته وخبرته الخاصة. تلك الاستفادة ما كانت لتتحقق لي إلا من خلال المساهمة في عمل ضخم كهذا المشروع.
أرى أن هذا الكتاب على درجة كبيرة من الأهمية، تحتم إتاحته للقراءة؛ لأنه يسلّط الضوء على حقائق كثيرة موثّقة تتعلق بشخصية وسياسة وحياة الملك عبد الله بن عبد العزيز. وتُعد تلك الحقائق مرجعاً موثوقاً للأبحاث الأكاديمية في هذا النطاق.
- نعمان بن محمد كدوه:
محاضر بجامعة الملك عبد العزيز وهو حاصل على درجة الماجستير من معهد الاستشراق بجامعة فيينا، في تخصص الدراسات العربية. أضاف قائلاً عن مشاركته :» شرفت بثقة سعادة الملحق الثقافي الدكتور عبد الرحمن بن حمد الحميضي, وفريق العمل القائم على ترجمة هذا الكتاب الذي عبّر وبصدق عن حبي وتقديري كمواطن لخادم الحرمين الشريفين, والذي يغمرني ندى يديه حتى خارج الوطن. وقد اقتصرت مساهمتي في هذا المشروع على مراجعة الفحوى النهائي للترجمة الألمانية من حيث المصطلحات والأسماء والتي أعتبر الأقرب إليها من الآخرين؛ كوني مواطناً سعودياً. والأمر الآخر بحكم التخصص في اللغة العربية والاستشراق. مما ساعدني على «فلترة» النصوص المترجمة إلى اللغة الألمانية، بحيث يتم نقل المعنى النفسي الذي يُراد إيصاله إلى القارئ، جمل تعكس نفس الإحساس الذي قيلت فيه في اللغة الأم «العربية».
وقد ساعدتني دراستي في جامعة فيينا باللغة الألمانية في المشاركة في هذا المشروع الكبير, والذي أعتبره مشروعاً إنسانياً وأكاديمياً ووطنياً في آن معاً. فقد تعلمت في مدرسة الملحقية الثقافية الكثير مما يعادل ما تعلّمته في الصفوف الأكاديمية في الجامعة خلال دراستي».
- إديت تاوخر: التصميم والإخراج
(وهي متخصصة في تصميم المواقع الهندسية والإلكترونية, وعلى وجه الخصوص تصميم المشاريع الضخمة وخرائطها وكتيباتها وإصداراتها. وقد صممت لعدة شركات ومؤسسات عالمية الكثير من الإصدارات والمشاريع). وذكرت عن تصميمها لكتاب ملك نحبه: « أجمل ما في هذه التجربة هو أنني أوظف خبراتي في التصميم لإخراج كتاب باللغة الألمانية ومصدره الأساس اللغة العربية. وذلك يعني أن أتعامل مع الخلفيات المحتوية على خطوط ونقوش عربية بالشكل المعكوس, بمعنى يجب الانتباه إلى اتجاه الخطوط. وما تجدر الإشارة إليه هو التمازج المخرج من عملية الدمج بين الخط اللاتيني والخلفيات ذات الخطوط العربية, مما يحافظ على عروبة الفحوى والأجواء وإن صدر الكتاب باللغة الألمانية. حقيقة أشعر بالسعادة في التعامل مع الملحقية الثقافية بالنمسا في إصدار هذا الكتاب, الذي زوّدني بالكثير من المعلومات عن المملكة العربية السعودية, وعن شخصية الملك عبد الله بن عبد العزيز, مما يخفي عليّ, وفوق ذلك كله ومما له صلة بتخصصي, والذي يعتمد على الناحية البصرية قبل كل شيء, الصور التي ضمّها الكتاب, وتاريخها ونوعيتها. مجهود رائع ومشروع جبار سعدت بمشاركتي فيه. وقد خرج فريق الترجمة بمعجم مصطلحات خاص بترجمة هذا الكتاب, وقد أتى هذا المعجم نتيجة عدة مداولات ونقاشات دارت حول المعاني التي تنتقل من اللغة العربية إلى اللغة الألمانية, بما تقدم معلومة للقارئ الألماني.
وكان معاليه قد بارك مقترح الملحقية الثقافية بالنمسا بترجمته، على أن يُصدر بما يتلاءم ومكانة الشخصية، من حيث الدقة والجودة. ويُعتبر كتاب « ملك نحبه « من أضخم الإصدارات عن خادم الحرمين الشريفين، والذي أصدرته مؤسسة الجزيرة للصحافة والنشر. وقد منحت الملحقية الثقافية بالنمسا حقوق ترجمته إلى اللغة الألمانية، وزوّدتها بكافة الصور التي حواها الكتاب.
الجدير بالذكر أنّ الكتاب صدر باللغة العربية في 736 صفحة من الحجم الكبير، ويضم في صفحاته صوراً عامةً عن الإنجازات والرحلات التاريخية، وصوراً خاصةً ونادرةً. وقسم الكتاب إلى 8 أبواب، و 39 فصلاً. كما ضم معلومات كثيرة عن الإنجازات التي تحققت في عهد الملك عبد الله حين كان ولياً للعهد وفي عهده كملك للمملكة العربية السعودية. وقد صدر باللغة الألمانية فيما يقارب 689 صفحة. وكان قد خُطط لهذا الكتاب بعد الترجمة والإخراج والطباعة، تزويد الجامعات والمكتبات النمساوية والألمانية بنسخٍ منه، بالإضافة إلى المشاركة به في معارض الكتاب الدولية. خاصة أن اللغة الألمانية تُعد واحدة من اللغات الرسمية العالمية الهامة التي ينطق بها الملايين على مستوى العالم. وقد شهد الكتاب أول إطلالة له في مهرجان الكتاب الدولي ببراغ 2010م خلال الفترة 13-16-5-2010 م. وقد أثنى المستشرقون والمهتمون بالدراسات العربية من الأوروبيين على هذه الخطوة الموفقة في ترجمة مثل هذه الجهود إلى لغات مختلفة.
وينتظر من «كتاب ملك نحبه « أن يقدم للقارئ الغربي مثالاً تتحقق فيه مقولة: « إنّ أعمال عظماء الرجال وقادة الشعوب وزعماء الأمم لا تُقاس بعدد المناصب التي شغلوها, بل بحجم الإنجازات التي قدّموها» وهذا ما سيعكسه الكتاب للقراء, خاصة وأن معظم الزعماء والمحللين السياسيين والمؤرّخين اتفقوا على وصف الملك عبد الله بأنه رجل الكلام القليل والعمل الكثير, وبأنه الرجل الذي يعمل في صمت تاركاً لأعماله الحديث عنه وعن نفسها. وفّقه الله لما فيه رفعة الوطن والدين والأمة العربية والإسلامية والإنسانية بأسرها.