أقرَّ مجلس الوزراء برئاسة ملك الإنسانية مؤخرا عددا من الإجراءات بشأن إعفاء المعوقين الذين يدخلون ضمن تصنيفات الإعاقة المعتمدة في المملكة من بعض الرسوم؛ حيث وافق المجلس على تحمُّل الدولة عن المعوقين (الرسوم المتعلقة بتأشيرات الاستقدام للسائق الخاص والخادمة والممرضة وتأشيرات الخروج والعودة، وإصدار الإقامة، وتجديدها) وتشكيل لجنة في وزارة الشؤون الاجتماعية لوضع الضوابط اللازمة وفقا لما جاء في القرار.
ولقد سعدت بهذا القرار الحنون من ملك الإنسانية، وطالما طالبت وغيري من الكتّاب بالرأفة بفئة المعوقين بالذات؛ لأن الإعاقة قدر على الإنسان ولم يجلبها لنفسه، بل إنه في موضع الرحمة والشفقة ممن حوله، وتتحمل الدولة مسؤوليتها تجاه هذه الفئة الغالية على قلوبنا. وكانت الدولة قد التزمت بتحمُّلها لرسوم الإقامة ورسوم تأشيرات الخروج والعودة لزيجات السعوديين المعاقين، وهي المكرمة التي ساهمت في التيسير على المحتاجين منهم.
وسعادتي تكمن في تلمس الحكومة لكل ما يرفع عن كاهل المعاقين ومساعدتهم على مجابهة متطلبات الحياة، وتنازلها عن حقها هو عفو القادر المتفضل، بل لعله الواهب مما تفضل الله به على هذا البلد الكريم. ولا شك أن ذلك القرار الحكيم يعد لفتة إنسانية رائعة من القيادة العليا.
وفي جميع أنحاء العالم المتقدم تسن الحكومات قوانين لذوي الاحتياجات الخاصة ويمنحون عناية فريدة ويحظون بالخصوصية الحقيقية، وهو ما تحاول حكومتنا الرشيدة النهوض به حيال رعايتها لمواطنيها من ذوي الاحتياجات من رعاية مصالحهم والتسهيل عليهم.
ونأمل ألا يتوقف الأمر عند اللجان المشكَّلة لتنفيذ القرار السامي، أو يبقى حبيس أدراج المسؤول، بل لا بد من وضع تاريخ معتمد لبدء سريانه، وإيجاد الآليات المناسبة لتفعيله وتنفيذه ومتابعته وتقييمه وتطويره حتى يستفيد من هذه اللفتة الإنسانية التاريخية كل محتاج تنطبق عليه الشروط من ذوي الشأن بأسرع ما يمكن، بعيدا عن البيروقراطية المعقدة. ومن المفيد أيضا نشر اللائحة الخاصة بأنواع الإعاقات ودرجتها والفئات المستفيدة؛ حتى لا يدخل الهوى والاجتهادات الشخصية والتصنيفات غير المنطقية، أو استغلال جهل المعاق بحقوقه، في محاولات لتأخيره وتحميله أعباء أخرى وإحباطات متكررة. فما أحسن نزول الخير وما أجمل تعجيله!
ولا ريب أن النقلة نوعية في برامج الرعاية ومنظومة الحقوق والخدمات، تجسد مسيرة التحديث والإصلاح الشامل التي تشهدها بلادنا، وشعور الدولة بتحمل مسؤولياتها تجاه فئات من الشعب محتاجة للرعاية وتوفير مظلة من الخدمات والتسهيلات المتعددة لهذه الفئة وتحقيق الاستقرار النفسي والاجتماعي والاقتصادي للجميع يساهم في إيجاد حياة كريمة لهم.
ونأمل أن تمتد هذه الجهود إلى توسيع برامج العلاج والتأهيل، والتوعية والتثقيف، من خلال إيجاد قنوات توعية وتواصل إلكتروني عبر الرسائل القصيرة وتبصير المحتاجين بحقوقهم.
ونتطلع بأمل كالرجاء بامتداد كرم خادم الحرمين ملك الإنسانية على أبنائه بإعفاء المرأة من رسوم تأشيرة استقدام السائق ورسوم إقامته وتجديدها ورسوم استخراج رخصة قيادته؛ فالمرأة بحكم الأنظمة المعمول بها لا تستطيع قيادة مركبتها بعكس الرجل؛ فلا بد من تعويضها عن هذا العضل وعدم تحميلها تكاليف استقدام سائق إجباري؛ حيث لا يمكنها قيادة سيارتها كالمعاق تماماً، مع إدراك أن أغلب السيدات المستقدمات للسائقين بأسمائهن إما مطلقات أو أرامل، ومعظمهن موظفات بحاجة ماسة إلى وجود السائق الخاص، ورسوم استقدامه وإقامته وتجديدها تثقل كواهلهن. وفي هذا الوضع لا أتوقع أن أحدا سيحسد هذه الفئة من السيدات ذوات الظروف الاجتماعية والاقتصادية من إعفاء الدولة لهن من تكاليف الاستقدام الخاصة بالسائق والخادمة، بل هو من باب تقدير المواطنة. وتنتظر هؤلاء السيدات بشوق ولهفة قرار الإعفاء.
أمران وأمران:
أمران ينفعان كل إنسان (حسن الخلق، وسماحة النفس)، وأمران يضران به (حسد ذوي النعم، والحقد على أهل المواهب).
www.rogaia.net
rogaia143@hotmail.com