هذا الوطن من الأوطان التي خيرها وعطاؤها لا يقتصر -بفضل الله- على مواطنيها - بل إن يد الخير تمتد إلى كل الأشقاء من عرب ومسلمين، وإلى كل أخوة لنا في الإنسانية.
(رابطة العالم الإسلامي) أحد الصروح الشامخة التي دعمتها المملكة منذ بداية تأسيسها وقد بلغت عامها الخمسين في مسيرة مباركة لخدمة إخواننا المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، فضلا عن أعمالها الموفقة خلال سنواتها الأخيرة في عقد المؤتمرات الناجحة وإبراز قبول ودعوة الدين الإسلامي للحوار مع الآخرين، وبلورة تلاقي الدين الإسلامي مع الأديان والثقافات المشتركة فيما يخدم الإنسان في هذا الوجود.
إن أصدق ما ينطبق على الرابطة وأهدافها وهيئاتها ما وصفها به معالي أمينها القوي الأمين د. عبدالله التركي عندما قال: «إن رابطة العالم الإسلامي كيان إسلامي شامخ، ينطلق من مكة المكرمة، محضن بيت الله الحرام، ومنطلق رسالة الإسلام للعالمين، وما كان للرابطة أن تحتل مكانتها الإسلامية وأن تحوز على موقعها العالمي المرموق لولا فضل الله سبحانه وتعالى ثم دعم ملوك المملكة العربية السعودية وقادتها لتحقيق أهدافها وبرامجها، مضيفاً تميز نشاط الرابطة في عهد خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز بالانفتاح على العالم، والتواصل مع شعوبه ومع قادة الفكر والثقافة، ومع ممثلي الأديان والحضارات المختلفة، حيث شرفت بخدمة مبادرة خادم الحرمين الشريفين للحوار، عندما نظمت -بتوجيه منه حفظه الله- مؤتمرات الحوار في مكة المكرمة ومدريد وجنيف».
لقد أحسنت الرابطة في تنظيم المؤتمر العالمي الإسلامي تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في هذه المناسبة المهمة والمفصلية في تاريخ الرابطة والمسلمين.
إن بلوغ الرابطة نصف قرن يرسخ ويؤكد ما تقوم به وما تقدمه للإسلام والمسلمين. إن هذا المؤتمر بقدر ما سوف يبلور رسالة الرابطة وأعمالها وما قدمته المملكة وقادتها من دعم كبير ورعاية دائمة لها طوال عمرها المديد فإنه سيعمل على تقويم مسيرة الرابطة ووضع خطط جديدة لعملها تدعم أعمالها المستمرة وفي الوقت ذاته تشتمل على مناشط تناسب إيقاع العصر والتحديات التي تواجه الإسلام والمسلمين وبخاصة بعد ظهور فئات شاذة ضالة من أبناء الإسلام أساءوا إلى دينهم وشوهوا صورته، ورؤيته التسامحية نحو الآخر.
إن المتابع لنشاطات الرابطة في السنوات الأخيرة يجد حضوراً كبيراً للرابطة سواء عبر متابعتها ومناصرتها لقضايا المسلمين العادلة وإبرازها لقضية فلسطين أو عبر وفودها التي تسافر إلى مختلف الدول للإسهام في مساعدة المسلمين وحل الإشكاليات التي تواجههم ورعاية الأقليات المسلمة، ناهيك عن مناشطها الكبيرة: الداخلية والخارجية للدعوة إلى دين الله بالحوار والإقناع والمجادلة بالتي هي أحسن مع إبراز جوانب سماحة الإسلام وتعايشه مع الآخر.
إن الرابطة ترتبط بها هيئات تابعة لها تشرف عليها وترعاها، ومن أبرزها «هيئة الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية» وهذه له رسالة نبيلة لخدمة كتاب الله وأحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم، لقد قدر لي حضور أحد مؤتمرات هذه الهيئة بمكة المكرمة، ورأيت ما تقوم به لإبراز وكشف مناحي الإعجاز التي سبق إليها القرآن في مجالات عديدة، وبحمد الله وبسبب حقائق الإعجاز القرآني والنبوي دخل كثير من الناس في دين الله وبعضهم أطباء واقتصاديون وأكاديميون عندما رأوا أن القرآن الكريم، وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم سبقت إلى عديد من الحقائق الكونية أو الطبية والعلمية الثابتة التي جاء العلم الحديث بعلمائه ومختبراته ومخترعاته ليؤكدها.
وبعد:
تحية لهذه الرابطة بكل ما قدمته من أعمال عظيمة لخدمة الإسلام، وتصحيح صورته والدعوة إليه - ورعاية أقلياته، والدفاع عن قضايا الأمة.
* عضو مجلس الشورى