قصة عالِم الفيزياء النووي الإيراني شهرام أميري المختفي منذ أشهر، الذي أظهرته أشرطة تلفزيونية أنه في الولايات المتحدة الأمريكية، ثم ظهر في قسم رعاية المصالح الإيرانية في السفارة الباكستانية في واشنطن، ليست وحدها من القصص المتلبسة في العلاقة الخفية بين طهران وتل أبيب.
فالعلاقة الإيرانية الأمريكية بها الكثير من المسائل غير المفهومة، وبالذات «تفاهم المصالح» في العراق؛ فعلى المسرح العراقي تتعايش القوتان الأمريكية والإيرانية بنفوذ متقارب، ويتعامل معهما سياسيون وأحزاب عراقية لها العلاقة نفسها مع الإيرانيين والأمريكيين على حدٍّ سواء، بل وفي الرقعة الجغرافية المتقاربة في المنطقة الخضراء نفسها والمحاذية لها كرادة مريم يسلك الطريق الموصل بينهما أصدقاء لكلا الطرفين؛ فلا تجد واشنطن وطهران غضاضة من استخدامهم لتثبيت نفوذهما أو مصالحهما.
شهرام أميري ظهر في مقابلات تلفزيونية وهو يكشف عن أسرار البرنامج النووي الإيراني، وبناء على ما قدمه من معلومات للأمريكيين أكدوا توجُّه ذلك البرنامج لخدمة الأهداف العسكرية.
هذا العالِم النووي الذي لا يمكن أن نتوقع أنه وطوال وجوده كل تلك المدة التي قضاها في واشنطن لم يعطِ الأمريكيين ما يطلبونه من معلومات.. هذا العالم نفسه يحضر إلى مكتب مصالح بلاده في السفارة الباكستانية، ويطلب العودة إلى بلاده!! ما معنى هذا..؟ هل استطاع تغفيل ومخادعة الأمريكيين والهرب..؟
هذا التصوُّر لم يصمد طويلاً بعد أن كشف دبلوماسي باكستاني أن العالِم الإيراني أوصله خاطفوه إلى السفارة وتركوه..!!
أيضاً ماذا يعني هذا؟ هل أصبح بلا قيمة بعد أن أفرغ كل ما في جعبته من معلومات..؟!
فالواقع أن هناك وجهاً آخر للقصة كما تذكر المصادر والمتابعون لملف العلاقات الأمريكية الإيرانية؛ حيث إنَّ الأمريكيين لا يمكن أن يتركوا مَنْ خدمهم خاصة مثل هذا الرجل بما لديه من معلومات..!! إلا إذا كان ذلك برغبة منه، وفي الوقت نفسه بما يخدم مصالحهم.
وفي قضية شهرام أميري يتوافر العنصران؛ فأميري طلب العودة إلى بلاده لحماية أسرته الموجودة في إيران، والأمريكيون وجدوا في ذلك فرصة لتحقيق صفقة مقايضة لمبادلته مع أمريكيين معتقلين بتهمة التجسس في إيران؛ فأوصلت العالِم الإيراني إلى مكتب المصالح في السفارة الباكستانية، وتنتظر إطلاق سراح جواسيسها في إيران.
وهكذا هي العلاقة الأمريكية الإيرانية.. رغم تلبسها إلا أنها مبنية على صفقات متتالية تتم وتُعقد سواء على أرض أمريكية أو عراقية أو باكستانية.
***