ما تكاد عيناي تجفان من دموعهما بعد حزن وأسى على فقد هذا أو ذاك من الأقرباء والأصدقاء، حتى إذا بها تتجدد بعد أن تضيق محاجرها بما تولّد فيها من دموع إثر فقد جديد ممّن كان رفيق درب أو قريباً.
***
فقد كنت في أقصى الدنيا أقضي أياماً في العمل بين كندا وأمريكا واليابان، حين فوجئت بخبر وفاة الزميل والأخ عبد الهادي الطيب، الذي رافق مسيرة الجزيرة منذ كانت أسبوعية وعلى مدى أكثر من أربعين عاماً رئيساً لقسم التصحيح اللغوي فيها ثم محرراً.
***
وبفقده، وغيابه عن هذه الدنيا الفانية، تكون صحيفة الجزيرة وزملاؤه في الجزيرة، قد خسروا واحداً ممّن أحبّوه وأحبهم، بفضل حسن خلقه وتعامله، وما كان يتميّز به في عمله من إخلاص ومهنية عالية.
***
وحين عدت إلى الرياض، وإلى صحيفة الجزيرة حيث مكتب الزميل العزيز، شعرت بحجم الفراغ الذي تركه، وتذكّرت حجم العطاء الذي كان يقدمه، وتجدّد حزني على وفاته، فآثرت أن أرثيه ولو بكلمات قليلة ومتواضعة وإن جاءت متأخرة.
***
فقد كان الزميل العزيز واحداً ممّن يُعتمد عليه في الصدق والنزاهة والإخلاص، وكان يحمل لهذا الوطن وللمواطنين أصدق المشاعر وأجمل العواطف، وكيف لا يكون كذلك وقد عاش وأمضى نصف قرن من حياته في ربوعه، فأصبحت المملكة بذلك هي وطنه الذي لا بديل عنه إلاّ حين تعود فلسطين بقدسها وزيتونها دولة مستقلة.
***
رحم الله عبد الهادي مصطفى الطيب، الذي كان صاحب التزام أخوي وأخلاقي مع كل من كان ذا صلة أو علاقة به، فلأبنائه وأحفاده وكافة أفراد أسرته حسن العزاء في مصابهم الكبير، سائلين الله أن يلهمهم الصبر والسلوان، وأن يختار لفقيدهم قبراً في روضة من رياض الجنة، إنه على كل شيء قدير.