إن ما حققته حكومة المملكة من نجاحات رغم الأزمات الاقتصادية التي مرت بها العديد من دول العالم جعل منها أنموذجًا للاقتصاد الناشئ القادر على مواجهة مختلف الظروف والمساهمة في استقرار الاقتصاد العالمي، وهذا ما دفع بالمملكة لأن تكون واحدة من الدول العشرين الأكثر ثأثيرًا في الاقتصاد العالمي عن جدارة واستحقاق بفضل الخطط التنموية المتعاقبة والإنفاق الهائل على البنية التحتية الذي يدعنا من الإنصاف أن نثمن إدراك ووعي الحكومة السعودية المبكر جدًا للتلازم الضروري بين التقدم الاقتصادي وتوفر البنية التحتية المتطورة.
فحينما نرى المملكة ضمن الدول المؤثرة في العالم في قمة العشرين التي عقدت في كندا مؤخرًا نعرف أن هذا الحضور السعودي المشرف لم يأتِ من فراغ، وإنما جاء كثمرة جهد وعمل مضنٍ استمر لعقود طويلة خلت بهدف تحقيق طموح المملكة في أن تكون رقمًا مهمًا في عالم اليوم، تلعب دورًا يليق بها ويتناسب مع إمكاناتها وقدراتها وتاريخها لتصبح لاعبًا مؤثرًا في المجموعة الدولية التي تتحكم إلى حد كبير بمقدرات الاقتصاد العالمي.
وبصفتي أحد العاملين في صناعة الشحن والخدمات اللوجيستية في العالم فإنني أستطيع أن أقول: إن المملكة أدركت منذ وقت مبكر أنه لا نهضة حقيقية إلا بقطاع خدمات لوجيستية قوي لأنه عصب الاقتصاد، فالشحن والخدمات اللوجيستية ليست فقط قطاعات خدمات وإنما هي أيضًا قطاعات اقتصادية مهمة تأتي في مقدمة قطاعات البنية التحتية وعمودها الفقري التي أسهمت في تعزيز عجلة الإنتاج وتلبية متطلبات التنمية المستدامة.
في تقديري أنه ما لم تتوفر بنية تحتية متطورة تصبح جهود تحقيق التنمية المستدامة والرفع من معدلات النمو الاقتصادي إلى المستوى الذي يحقق ارتفاعات متتالية بمستوى الدخل تصبح جهودًا غير ذات جدوى.. كيف يمكن للتنمية أن تنجح وللاقتصاد أن يزدهر إذا لم يتم ربط مناطق الإنتاج والاستهلاك والتصدير ببنية تحتية متطورة كمًا وكيفًا؟
ولقد نجحت حكومة المملكة نجاحًا منقطع النظير في تنفيذ خططها التنموية وتجاوزت ما لم تستطع حتى دول العالم المتقدم أن تتجاوزه من عثرات بفضل التخطيط العلمي السليم وأكبر دليل على ذلك أنه عندما انفجرت الأزمة المالية العالمية قبل حوالي سنتين وأدت إلى دخول معظم الاقتصادات، ومنها اقتصادات الدول ذات التأثير البالغ في الاقتصاد العالمي في ركود وانخفاض النمو في الدول التي كانت تشهد نموًا اقتصاديًا عاليًا مستمرًا مثل الصين والهند انخفاض غير مسبوق تركزت الجهود الدولية ممثلة بمجموعة العشرين والمؤسسات المالية الدولية على تحفيز النمو الاقتصادي والخروج من الأزمة وكان ذلك من خلال خطط منسقة للإنفاق الحكومي، غير أن الإنفاق على البنية التحتية وبالذات في هذه الظروف لا يقل أهمية وإن لم يحظ بالاهتمام المستحق.
لقد تفاقمت الأزمة في الدول الصناعية الكبرى كما هو معروف وانخفضت الصادرات والواردات، وجفت منابع السيولة المحركة للاستثمار، وخرجت العديد من الشركات من الأسواق، وخفضت الشركات الأخرى إنتاجها وأفلست بنوك ومؤسسات مالية لم يكن بالحسبان من قبل إفلاسها، وزادت أعداد العاطلين عن العمل، ولكن الوضع في المملكة كان مختلفًا إذ عمدت الحكومة بتوجهات سامية من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى الإنفاق العام وخصوصًا على البنية التحتية التي تؤدي إلى رفع كفاءة الاقتصاد وزيادة تنافسيته في المستقبل بحيث يصبح مهيأ للمنافسة عند الخروج من الأزمة، لأن الاستثمار في البنية التحتية في أوقات الركود الاقتصادي يسهم في تحقيق النمو من خلال السيولة الناجمة عن الإنفاق الاستثماري، وقد رأينا ذلك في المملكة عندما صدرت الميزانية العامة للدولة بمشاريع ضخمة ورفعت معدلات الصرف عليها، كما أن زيادة الطاقة الاستيعابية للاقتصاد بشكل يؤدي إلى الحيلولة دون ظهور اختناقات ضاغطة على النمو بحيث يتزامن استكمال مشاريع البنية التحتية مع الوقت الذي يبدأ فيه الاقتصاد بالتعافي لقد أدركت المملكة هذه الحقيقة منذ بداية الأزمة المالية العالمية، أن مشاريع الدولة المعتمدة لن تتأثر بالأزمة وأنها لن تلغى أو تؤجل بسببها، لذلك واصلت إنفاقها على مشاريع البنية التحتية بميزانية لهذا العام هي الأعلى في تاريخها.
إن قطاع الشحن والخدمات اللوجيستية يلعب دورًا مهمًا في تعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد السعودي على المستوى الإقليمي والدولي.
مدير عام دي إتش آل أكسبريس السعودية