القاهرة - مكتب الجزيرة :
توقع تقرير حديث للمنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين أن تتحسن معدلات النمو للمنطقة العربية في 2010، حيث من المنتظر أن يرتفع معدل النمو ليصل إلى 4.4% مقابل 2.9% عام 2009 نتيجة مواصلة ارتفاع الطلب المحلي وارتفاع أسعار النفط وعودة الانتعاش الاقتصادي تدريجياً. كما يتوقع التقرير الثالث للمنظمة حول أداء الاقتصاد والصناعة في الدول العربية أن تشهد البلدان العربية المصدرة للنفط تسارعاً في نموها الاقتصادي ليصل إلى 4.2% في عام 2010 مقارنة ب2.2% خلال عام 2009 وأن تشهد اقتصاديات الدول العربية المصدرة للنفط ارتفاع وتيرة إنفاقها العام وزيادة الاستثمار في القطاع النفطي وغير النفطي، وأن تستأنف الصناعات الرئيسية نشاطها بفضل الانتعاش في الطلب العالمي، ولا توجد توقعات لحدوث أي ضغوط أخرى على أسعار النفط في الوقت الراهن ويرجع ذلك إلى محدودية الطاقات الإنتاجية للدول النفطية واستقرار الطلب على النفط في أهم البلدان الصناعية.
أما بالنسبة للبلدان غير النفطية فمن المتوقع أن تستأنف نموها الاقتصادي بشكل أبطأ مما كان متوقعا طبقا لتقرير المنظمة نتيجة لعدم تمكن البلدان الأوربية حتى الآن من استعادة عافيتها الاقتصادية، ويرتقب أن يتباطأ النمو في البلدان غير النفطية ليصل إلى 4.5% في العام الجاري مقابل 4.8% عام 2009، وأن يستأنف حجم الاستثمار الأجنبي المباشر فاعليته في الأعوام القادمة نتيجة الانتعاش الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي وأن ترتفع صادرات الدول النفطية بنسبة 7.7% خلال العام الجاري بعد أن انخفضت بنسبة 18% في عام 2009.
وتوقع التقرير أن تشهد الصناعات الرئيسية المصدرة تحسناً في نشاطها وأرباحها وأن ترتفع تدفقات التحويلات المالية بنسبة 1.3% في عام 2010 على الرغم من أن هذا المعدل أقل من الذي سجل في السنوات التي سبقت الأزمة.
وفيما يخص التأثير الكبير للأزمة المالية العالمية على الاقتصاديات العربية تناول التقرير أهم التطورات الاقتصادية التي مر بها العالم العربي العام الماضي وتحليل آثار الأزمة على الصناعة العربية، لاسيما الصناعات النفطية والبتروكيماويات وصناعة الحديد والصلب والألمونيوم وصناعات النسيج والمنتجات الكهربائية، حيث أشار التقرير إلى أن الأزمة المالية العالمية وضعت نهاية للازدهار الاقتصادي، الذي شهدته المنطقة العربية بأسرها خلال الأعوام ال6 الماضية، كون الأزمة الغذائية التي تلاها الانخفاض الحاد لأسعار النفط قد شكلت تحدياً كبيراً للمنطقة التي تعتبر أكبر مصدر للنفط وأكبر مستورد للمواد الغذائية.
وأكد التقرير تراجع معدلات النمو الاقتصادي بشكل ملحوظ، حيث قدر معدله في المنطقة بنسبة 2.9% خلال عام 2009 مقابل 6% عام 2008، كما تراجعت توازنات الاقتصاديات الكلية وعانت الكثير من البلدان من اتساع العجز في حسابها الجاري وفى ميزانيتها، كما أدت الأزمة المالية العالمية إلى انخفاض كبير في التبادلات التجارية العالمية التي كانت تعتبر العامل الرئيسي وراء الأداء الجيد، الذي شهده النمو الاقتصادي للدول العربية في الآونة الأخيرة.
وأضاف أن الدول المصدرة للنفط سجلت أكبر الخسائر، حيث انخفضت صادرات السلع فيها بنسبة 38% مما ترتب عنه خسائر في عائدات التصدير لجميع دول مجلس التعاون الخليجي لتصل إلى 469 مليار دولار خلال العام الماضي مقابل 753 مليار في عام 2008. وأكد التقرير أن الأزمة أثرت بشكل كبير على القطاعات الصناعية العربية نتيجة لانخفاض الطلب العالمي، مما أدى إلى انخفاض صادرات السلع المغربية بنسبة 28% والأردنية بنسبة 20% وتونس بنسبة 18%، ومصر بنسبة 14%، مما أدى إلى ارتفاع العجز في ميزانيات تلك البلدان.
وأوضح أن الأزمة العالمية تسببت في انخفاض تدفق الاستثمار الأجنبي في المنطقة العربية، حيث قدر بنحو 30% مقارنة مع المعدل المسجل خلال العام الماضي، كما تراجعت تحويلات العمال المهاجرين وعائدات قطاع السياحة، بالإضافة إلى أن الأزمة المالية فاقمت عدم التوازن الاجتماعي الذي تشهده معظم البلدان العربية، مما أدى إلى انكماش النشاط الاقتصادي وإغلاق العديد من الشركات وزيادة البطالة في المنطقة العربية.
وأكد التقرير تأثر القطاع المالي في الدول العربية بشكل محدود من الأزمة في حين كان للأزمة تأثير سلبي على القطاع الحقيقي وخاصة الصناعي للدول العربية المصدرة، وكان تأثيرها أكبر على الصناعات النفطية وصناعات السلع الأساسية مثل الفوسفات والبوتاس والنحاس باعتبارها الأكثر عرضة لتقلبات الأسعار في الأسواق العالمية. وأوضح التقرير أن آثار الأزمة المالية بدأت تنحصر، حيث تعافت دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من آثارها بشكل متزامن مع الاقتصاد العالمي.