ما قامت به المديرية العامة لمكافحة المخدرات بوزارة الداخلية يستحق الإشادة من جميع المواطنين، في تتابع أمني مميز وجهود متواصلة في محاربة المخدرات ومروجيها؛ فقد قرأنا البيانات التي تصدر من وزارة الداخلية بكل فخر برجال أمننا وقوتهم ودحضهم للشر وأهله.. ملايين الحبَّات المخدرة والكميات المسكرة والأنواع المختلفة تم القبض عليها، وكف الناس والوطن شرها؛ فلكم من كل الوطن ومواطنيه أسمى آيات الشكر وصادق الدعاء بالتسديد والتوفيق. واسمحوا لي أن أشيد ببعض المبادرات الإيجابية في حماية المجتمع والشباب من هذه الآفات الخطيرة والمدمرة التي اتسمت بعمق المعالجة وصدق الرغبة في الإصلاح والإحساس بالمسؤولية الدينية والوطنية, من ذلك ما قامت المديرية العامة من التنسيق مع قطاع التعليم العام والعالي في وضع الخطط والبرامج التنفيذية في توعية ومكافحة المخدرات وبناء البرامج العلمية والتربوية لهذه الظاهرة التي غزت شبابنا وأبناءنا؛ حيث يجب توافر الجهود بين وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي مع المديرية العامة لمكافحة المخدرات في توعية الشباب بأضرار المخدرات والتحذير منها، بل يتعدى هذا التعاون إلى كيفية علاج المصابين بهذا الداء والضرر, ومساعدتهم إلى الرجوع إلى الصواب وتسهيل ارتباطهم بالمصحات العلاجية المتخصصة. وهنا نرجو وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي استغلال هذه الفرصة والعض عليها بالنواجذ وتأهيل المعلمين والمرشدين للمساهمة في برامج التوعية المؤثرة وتأهيلهم في كيفية التعامل مع هذه الفئة التي وقعت في شباك المخدرات وانتشالهم من هذا الجحيم, مع وضوح آلية التعاون مع الجهات المختصة بمكافحة المخدرات, إضافة إلى التأكيد في تفعيل الجمعيات الخيرية التوعوية مثل (جمعية وقاية) أو اللجان الوطنية المتخصصة مثل اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات وتكثيف برامجها ودعمها ماديا ومعنويا بما يحقّق تأدية رسالتها الكاملة المؤثرة, وهي فرصة لمناداة الجمعيات المتخصصة بالشباب مثل: الندوة العالمية للشباب الإسلامي وجمعية تحفيظ القرآن الكريم وجمعية الكشافة السعودية وجمعية الثقافة والفنون وغيرها الكثير, وكذلك مكاتب الدعوة والإرشاد التابعة لوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف وجمعيات البر في بناء برامج توعوية مخصصة لمعالجة هذا الوباء العالمي بشكل منظَّم بعد الرجوع إلى الجهات المختصة لنحقق التكامل العلاجي من جميع الأطراف.
وإن اهتمام المسؤولين بهذه القضية يتعدى حدود الوطن لتضم العديد من الدول وتساهم معهم في الحدّ من هذه الظاهرة.. وقد برزت هذه الجهود في الندوة الإقليمية الأولى في مجال مكافحة المخدرات وتبادل المعلومات، التي شارك فيها متخصصون من (26) دولة عربية وإسلامية وأجنبية التي رعاها صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية؛ حيث تهدف إلى تبادل المعلومات والخبرات للاستفادة من تجارب الدول المشاركة في ميدان مكافحة تهريب المخدرات ودعم الجهود الدولية المبذولة لحماية أرواح الناس من ضرر المخدرات, وذلك بعدما أثبتته قوى المكافحة من تميز وتقدُّم في تجربة المملكة في التصدي لهذا الخطر الجسيم. ولعلي أشيد برجال الأمن البواسل الذين بذلوا الجهد الأكبر في التصدي لهذا الخطر, ولا أنسى شهداء الواجب بالمديرية العامة لمكافحة المخدرات أو القطاعات والأجهزة الأمنية الأخرى الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل الله من أجل حماية الوطن وأهله من المخدرات والفساد, ويستحقون مزيدًا من الذكر والتقدير لهم ولذويهم وأبنائهم, مع شكري لولاة أمر هذه البلاد الذين بذلوا لهم الكثير.
وإلى أولياء الأمور نوجّه رسالة تذكير بالعناية بأبنائهم وغرس القيم الفاضلة في نفوسهم وتحذيرهم من الشر وأهله, وحسن متابعتهم ومعرفة أصدقائهم, ومن المناسب جدًّا التذكير بخطر موسم الاختبارات في تغيير سلوك الأبناء أو وقوعهم في بعض العادات السيئة كالتدخين أو السهر أو التعرُّف على أصدقاء السوء وغير ذلك مما يكون سببا مباشرا في دخول نفق المخدرات المظلم أو الاقتراب منه, مما يلزم أولياء الأمور بمزيد عناية في هذا الموسم لأبنائهم. أخيراً: لنتكاتف يا أهل التربية والدعوة والفكر، ولنضع أيدينا بعضها في بعض لنحمي وطننا وبلدنا وشبابنا من كل شر وفساد, فننتظر خطبة من خطيب الجمعة, ورسالة من أهل النصح, ومعالجة من أهل التربية, وقلمًا من أهل الصحافة, وبرامج مرئية ومسموعة من أصحاب القنوات والإذاعات, وخطة محددة من أهل الاختصاص يتشارك في تنفيذها الجميع. وأتوجه إلى صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب، الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، بمزيد من الشكر على اهتمامه الواضح والبارز بهذه القضية وجميع القضايا الأمنية, وإلى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية, وإلى المدير العام لمكافحة المخدرات اللواء عثمان المحرج, وإلى كل رجال الأمن المخلصين الأبطال, وإلى كل المبادرين والمهتمين بمعالجة هذه الظاهرة بالدعاء لهم بالتوفيق والسداد, وأعانهم الله وسدَّد رأيهم وبارك فيهم. وبالله التوفيق.
- إمام وخطيب جامع والدة الأمير عبدالعزيز بن فهد بحي الفلاح