هناك مقولةٌ تتردد على ألسنة كثير من أقطاب (الحركيين) المتأسلمين، مفادها أن القنوات الفضائية الإسلامية هي أعلى القنوات الفضائية الناطقة بالعربية مشاهدة. وهذا كذب وتضليل، وكلام يُطلقه هؤلاء دون أدنى مسؤولية، فضلاً عن أن جهات الرصد والمتابعة المهتمة بهذه الشئون تؤكد عكس ذلك تماماً؛ فأقل القنوات الفضائية متابعة هي القنوات الإسلاموية؛ أما محاولات الحركيين الترويج لهذه المقولة فسببه أنهم مستفيدون منها، حيث من خلالها يتم تلميع الجماعات الحركية، وبعض الشخصيات القيادية لهذه الجماعات، فضلاً عن أن ما (يُشفط) من مبالغ لتمويل هذه الوسيلة أو تلك يذهب جزء كبير منها إلى جيوب هؤلاء المشرفين على هذه القنوات والعاملين فيها، وأغلب هؤلاء بالمناسبة ليسوا سوى نسخة مكررة من ذلك الذي تمّ اعتقاله مؤخراً بتهمة النصب والتحايل (العقاري)، رغم أنه كان في زمن ما من كبار المروجين لأعمال الخير كما كان يدّعي، وكما كان يشي بذلك -أيضاً- شكله ومظهره الخارجي، قبل أن يُكتشف نصبه وحربائيته.
هناك طريقة سهلة للتأكد من نجاح هذه الوسيلة الإعلامية أو فشلها، من خلال (قياس) قدرتها على استقطاب الإعلان التجاري. فالمعلن هدفه الانتشار، وخدمة مصالحه، والوصول إلى المستهلك، ليروج بضاعته. أريدكم فقط أن تحصوا كمية الإعلانات التجارية التي تستقطبها هذه القنوات، وقارنوها بكمية الإعلان التي تعرضها القنوات غير المؤدلجة، والتي لا تهتم بالترويج للأفكار الأيديولوجية، لتصلوا بأنفسكم إلى حقيقة أن هذه القنوات لا تتابعها إلا شريحة صغيرة، وصغيرة جداً من الناس. لو كانت هذه القنوات متابعة من قبل المشاهدين -كما يدّعي القائمون عليها- لكان أول زبائنها (المعلن) التجاري. غياب الإعلان عنها، يعني أن ما يدعيه هؤلاء الحركيون تدحضه أرقام الانتشار المتدنية، كما يؤكده -أيضاً- خروجها تماماً من سوق وسائل الإعلان الناجحة.
وبودي لو أن هؤلاء الممولين، ممن يبحثون عن الأجر والثواب وأعمال الخير، استبدلوا صرفهم غير المجدي على هذه القنوات المؤدلجة العبثية التي لا تفيد إلا العاملين فيها، وأقاموا بدلاً منها مراكز تدريب مهنية (خيرية) هدفها مساعدة المواطن السعودي، ذكوراً وإناثاً، للحصول على أعمال، ومحاربة البطالة، وتخليص البلاد من ملايين الوافدين الأجانب من خلال استبدالهم بالعمالة الوطنية المدربة. يقولون إن تكاليف القنوات الفضائية الإسلامية العاملة في المملكة تتجاوز المائة مليون دولار سنوياً، وجميع هذه التكاليف بلا استثناء يأتي من خلال التبرعات من فاعلي خير هدفهم الأجر والثواب، ويُصدقون (كذبة) المردود الإيجابي لهذه القنوات، بينما أن الحقيقة غير ما يُروى لهم. ولكم أن تتصوروا مدى النفع والمردود الاجتماعي الإيجابي لو أن هذه الملايين وُجّهَت إلى العمل النافع للإنسان، كإنشاء هذه المراكز على سبيل المثال، بدلاً من هذه الممارسات التي يعرف كل من يعمل في حقل الإعلام محدودية تأثيرها نظراً لتدني أعداد متابعيها.
يقول الصينيون: أن تعطي الفقير سنارة ليصيد بها سمكة خير له من أن تعطيه سمكة. ومثل هذا الاقتراح الذي أضعه أمامكم في هذه العجالة هو في حقيقته يعطي المحتاج سنارة وليس سمكة.
إلى اللقاء،،،