قلت لكم كيف خطفتني الذئبة من أمي وكيف حملتني الذئبة للوجر وكيف تركت أمي تعول في صمت الصحراء، أهجس إذ ذاك بأن الذئبة سارت وأمي سارت لكي تلحق بالركب الموغل في الترحال و(هي تصيح وعلى الأرض تطيح) لكن لم يسمعها أحد غير الريح وغير حفيف الأشجار الجرداء أما الذئبة فقد انكبت ترضعني فشعرت بدفء موحش وطعم حليب ك(التيزاب) لكني تجرعت ما يكفيني منه وصارت أمي الذئبة مُذْ ذاك اليوم وفي اليوم التالي لفتني الذئبة ب(قماط) ردن أمي الأولى وأقعت أمامي في الوجر وأخذت تتلو علي تعاليم لم يعهدها الإنسان فقالت لي:
1- لتعلم أولاً أن نصفك ذئب ونصفك الآخر إنسان فكن ذئباً بقلبك وإنساناً في الروح. لذلك علّم الرعاة بوجودك في الفلاة بعوائك النبيل قبل الإغارة على القطعان.
2- لا تقتل الحمل الوديع ولا الشاه (الرغوث) وعليك بالكبش السمين.
3- إياك أن تأخذ صوفة خروف واحد للراعي الفقير.
4- أطلق عواءك عالياً حتى تهابك الكلاب.
5- دع بقايا فرائسك للطير وما يترك السبع لأنك صنف من السباع.
6- لا تصادق الضباع ولا بُغاث الطير والثعالب المحتالة ولا بنات آوى لأن فيها القذارة والخسة والاحتيال.
7- اجر عكس الريح واستنشق الهبوب.. فالريح تعطيك طاقة أخرى.
8- لا تدنُ من المدن الكبرى فثمة (صادة) مخصصون لإلقاء القبض عليك ومن ثم زجك في قفص لحديقة الحيوان ليتفرج عليك الناس ويضحكوا.
9- نم وإحدى عينيك مفتوحة لترى ما حولك واغمض عينك الأخرى ولا تطل النوم.
10- لا تحسب أنك الذئب الوحيد في الصحراء فثمة ذئاب أكثر شراسة ونبلاً منك.
أخيراً: كن ذئباً وإلا أكلتك الذئاب!!