أكاد أجزم أنَّ أغلب العرب قد فرحوا كثيراً بحصول إسبانيا على كأس العالم، واستطاع أندريس أنييستا أن يوحد العرب من المحيط إلى الخليج العربي، وحشدهم خلف إسبانيا مُجسِّداً وحدة العرب في التشجيع الرياضي.
مساء يوم الأحد توحد العرب لتشجيع أحفادهم الإسبان، ولهم الحق في ذلك، فلا تكاد أسرة إسبانية لو رجعت إلى أصولها إلا وتجدها تقترن باسم عربي.
أكثر من ذلك يقول الزميل نافز علوان كاتب المدونة الفلسطيني الأمريكي المقيم في لوس أنجليس، على أن تسعين بالمائة من عمليات زرع النخاع الشوكي لمحتاجيه من المرضى العرب تتوفر خلاياه المناسبة بين الشعب الإسباني أكثر من شعب آخر في العالم، وكذلك الأمر نفسه بالنسبة للمرضى الإسبان فعند حاجتهم لعمليات زرع النخاع يبحثون عن متبرعين عرب بالنخاع الشوكي لتطابق خلاياه مع المريض الإسباني. وقد أكَّد هذا الشيء معهد ويلز للإحصاء والبحوث العلمية البريطاني.
أيضاً كثير من العادات والتقاليد العربية تتطابق مع ما يقوم به الإسبان من أفعال وسلوكيات تختلف كثيراً عن عادات وتقاليد نظرائهم الأوربيين. وحتى المأكولات والمائدة الإسبانية شبيهة بالمائدة العربية التي على الرغم من تنوعها فإنك لا بد وأن تجد صنفاً عربياً على مائدة الإسبان الذين امتد تأثرهم بالعرب إلى ملابسهم، فهناك تشابه كثير في الأزياء الوطنية الإسبانية والأزياء الوطنية العربية الأصيلة. ويجمع العرب والإسبان حب ووله بالحصان، فكلاهما من عشاق الفروسية.
والإسبان لا يحقدون على العرب رغم أن وجود العرب على أرضهم قرابة خمسة قرون يُعَدُّ من الناحية المادية استعماراً، إلا أنَّ الإسبان الآن وقبل ذلك يرون فيها مرحلة توهج حضاري جعل من بلادهم قنطرة انتقلت عبرها الحضارة العربية الإسلامية إلى أوروبا، ولذلك فقد احتفظوا بالمساجد الإسلامية والقصور العربية وآثار العرب مؤكدين بذلك محبتهم للعرب، ولأننا أيضاً نحبهم فقد فرحنا وسعدنا جداً بفوز إسبانيا وكأنها بلد عربي، وشعب شقيق، لأننا بكل بساطة نحب الإسبان ونعتبرهم أحفادنا في أوروبا، أو على الأقل اختلطت دماؤهم بدمائنا، فحَّنَ الدم لفصيلته عبر البحر الأبيض المتوسط، وسهرنا لفوزهم بكأس العالم كأننا نحن الفائزون.
jaser@al-jazirah.com.sa