لم يكن اعتزال الكابتن محمد بن عبد العزيز الدعيع أو (ظاهرة الأرض) كما يطلق عليه محبوه بالحدث العادي والذي يمر مرور الكرام.. بل كان حدثاً وظاهرةً أثارت الكثير.. وأحدثت ضجيجاً واسعاً داخل وخارج الصف الهلالي.. ومثلما كان هذا الخبر بمثابة (الصدمة) لمحبي الهلال وأبي عبد العزيز.. فإنه كان بمثابة الفرح والانتصار لغير الهلاليين!! وربما كان هناك من يعد الأيام والليالي في انتظار مثل هذا الحدث المفرح بالنسبة له... والمؤسف لبني هلال.. وانتظار رحيل (ظاهرة الأرض) الذي كان ك (الأخطبوط) سداً وحصناً منيعاً ليس للشباك الهلالية فحسب، ولكن كذلك لشباك منتخب الوطن...

ف (الأسطورة) محمد الدعيع بدأ حياته الرياضية كبيراً بمساهمته مع زملائه لاعبي المنتخب السعودي للناشئين بتحقيق كأس العالم للناشئين عام 1989م وواصل إنجازاته الرياضية مع منتخب بلاده بتحقيقه العديد من البطولات والانتصارات، ولعل أهمها مشاركة المنتخب السعودي في نهائيات كأس العالم 1994م وتأهل المنتخب السعودي للدور الثاني، واختيار الفيفا (الأسطورة) كثالث أفضل حارس مرمى في العالم ضمن الأدور التمهيدية.. وكذلك ضمن أفضل 10 حراس مرمى في نهائيات كأس العالم 1994م.

فمنذ بدايات (الأخطبوط) وعيون الكشافة والمدربين تراقب تحركاته حتى أصبح ك (العملة النادرة) ومطلوباً في الأندية السعودية والخليجية وحتى العالمية، ولأنه (زعيم) حراس آسيا لم يجد نادياً يليق به وبمكانته سوى (زعيم آسيا) ولم يمر على انتقاله أربعة أشهر الا وحقق مع الزعيم أغلى الكؤوس السعودية (كأس المؤسس) عام 2000م، وبعدها بشهور معدودة حقق مع الزعيم بطولة الأندية الآسيوية أبطال الدوري عندما فاز الزعيم على جابيلو ايواتا الياباني بثلاثة أهداف مقابل هدفين، وبعدها صرح رئيس جابيلو تصريحه الشهير لصحافة بلاده (اقتلوا الدعيع وأجلب لكم الكأس!!)

يكفي (ظاهرة الأرض) تربعه على عرش عمادة لاعبي العالم سنوات طويلة ب (181) مباراة دولية مع منتخب بلاده تقلّصت بفعل فاعل إلى (177) مباراة!!.. حقق من خلالها العديد من البطولات والإنجازات وساهم مع زملائه لاعبي المنتخب السعودي برفع راية (لا إله إلا الله محمد رسول الله) خفاقة في المحافل الدولية.

(الأخطبوط) حقق مع الهلال بطولات تتجاوز عدد بطولات أندية أخرى.. لا أقول أندية صغيرة بل أندية كبيرة وشهيرة ولها شعبيتها الكبيرة.. ومنذ انتقال (الأسطورة) للهلال ساهم بشكل فعّال بتحقيق الهلال 20 بطولة تقريباً.. وذلك خلال 11 عاماً بمعدل بطولتين كل عام!! في وقت لم تحقق أندية أخرى طوال هذه الـ 11 عاماً سوى بطولة أو بطولتين.. وأخرى لم تحقق الدوري لـ 25 عاماً!!

لم يكن (ظاهرة الأرض) مميزاً فقط داخل الملعب بل كان كذلك متميزاً جداً خارجه.. ومحبوباً من جميع زملائه سواء اللاعبين أو الإداريين.. وكان دائماً ما يضفي جواً من المرح والسعادة في المعسكرات سواء مع ناديه الهلال أو المنتخب السعودي.. وهذه من العوامل التي ترفع من معنوياته ومعنويات زملائه اللاعبين..

(الأخطبوط) من اللاعبين السعوديين القلائل الذين حازوا على العديد من الإنجازات الشخصية والتي تجاوزت الثلاثين جائزة ولقباً.. كأفضل حارس في العديد من البطولات الرسمية.. ومنها اختياره من الفيفا ضمن أفضل 10 حراس مرمى بكأس العالم كما أسلفت في فقرة سابقة.. وكذلك حصل على المركز 39 ضمن أفضل حراس المرمى في العالم على مر التاريخ من خلال الموقع الرسمي للفيفا..

لن أعدد بطولات (ظاهرة الأرض) سواء مع ناديه أو منتخب بلاده.. أو حتى إنجازاته وجوائزه الشخصية.. فتعدادها يحتاج الى مجلدات تحكي للجميع سيرة (بطل).. قدم كل ما يملك لوطنه حتى أصبح (أسطورة) كروية تتحدث عنها الوسائل الإعلامية الغربية أكثر مما تتحدث عنه وسائلنا الإعلامية وبكل أسف!!

انتقال (الأسطورة) للهلال كانت نتيجته صياح ونياح لغير الهلاليين ممن لم يستطيعوا الظفر بصفقة التعاقد مع (ظاهرة الأرض).. وكذلك اعتزاله نتج عنه لن أقول صياح ونياح لبعض الهلاليين!! ولكنه أظهر لنا بعض الهلاليين ممن نسوا أو تناسوا تاريخ (ظاهرة الأرض) وصدقوا ما يقال عنه من قِبل البعض!! خصوصاً وأن الجميع يعلم بأن (الأخطبوط) أعلن غير مرة بأنه يرغب وبشكل جدي بالاعتزال، الا أنه في كل مرة يتراجع من أجل الهلال ولا غير الهلال!

آخر السطر:

وداعية يا آخر ليلة تجمعنا .. وداعية أعز الناس ودعنا