لم يعد مقبولاً السكوت عن التجاوزات التي ترتكب على حساب الأموال العامة، حتى تلك الأخطاء البسيطة التي تؤثر على المال العام أخذت تثير الريبة وتفتح التحقيقات بشأنها لمعرفة أسباب ارتكاب تلك الأخطاء، وهل هي تأتي تمهيداً لفتح طرق للفساد المالي أو العبث بالذمم؟
التضييق على مرتكبي الكسب الحرام، ومحاصرة الفساد، تتنامى وتكسب المؤيدين، وتشكلت جمعيات وهيئات مدنية لمكافحة الفساد، وأنشئت لهذا الغرض جمعيات لتشجيع النزاهة، بل أصبح هناك سجل دولي يبرز أكثر الدول التي يتفشى بدوائرها الرسمية الفساد، وأيضا أكثرها تمتعاً بالنزاهة.
ولأن العالم أصبح مفتوحاً فضائياً وإعلامياً لا يمكن إخفاء المعلومات، وبخاصة الفضائح المالية؛ فقد اهتمت الدول بتوفير أجهزة المراقبة والمحاسبة للحفاظ على الأموال العامة والتدقيق في عقود المناقصات وتنفيذ المشاريع، وأصبحت الحكومات حريصة على إعلان المناقصات وكشفها للناس حتى تكون واضحة يعرفها الجميع.
وهنا في المملكة يتولى ديوان المراقبة العامة متابعة الأعمال والتدقيق في الذمم والأداء المالي للوزارات والدوائر الحكومية والهيئات الرسمية والشركات التي تتبع الحكومة.
وقد اختص ديوان المراقبة بمتابعة ودراسة العقود والمناقصات وبخاصة البنود الحسابية، مما ساعد في ضبط ومتابعة تنفيذ المشاريع ومراقبة وحسن صرف الأموال العامة، وهذا الديوان أدى دوره عندما كان حجم العقود والمشاريع ليس بالحجم الذي عليه حين كان العاملون في ديوان المراقبة العامة يستطيعون متابعة كل الأعمال، ولكن هذه الأعمال توسعت وتضاعفت، كما أن التجاوزات التي أخذ يلجأ إليها من يغريهم المال العام تعددت وكثرت؛ مما يستدعي تطوير وتوسيع قدرات وإمكانات ديوان المراقبة التي لا يستطيع بإمكانياته وكوادره الحالية تغطية الدور الرقابي والمحاسبي؛ فكلاهما يحتاج إلى دعم بالرجال والأجهزة حفاظاً على المال العام وتعزيز النزاهة في المملكة.
***