كلما ازداد مُحدث النعمةِ نعمةً، رأيته يذهب في ازدياد، ووجدته يتبدل بقدر ما ازداد، يتغير لونه مع تغير المناسبات، ولبسه مع كل جليس, ولكل مجلس له ألوانه، ولكل مظهر له مطبلوه، ومصفقوه, جيبه عامر بالبطاقات والأرقام والأسماء، ووقته مزدحم بالمواعيد، وطاولته عامرة بما كثر وتلون, لا ينفتح في صلاته مع الأصلاء، ولا يطرق أبواب الزهاد والنبلاء.. كثير الخوف من ظله، يتحرك في الظلام أكثر مما يتحرك في النور، أول من يتقدم لأي بوق، وآخر من يمشي في شفاعة، وأكثر من يفتح فمه إما لدهشة ممن يزيد عليه وعنه، وإما لالتهام ما يمر به، لا هم له إلا أن يملأ مخبره، ولا تفكير له إلا في تلميع مظهره.. فحداثة النعمة تجعله يتخلق بغير ما يملك، ويملك ما لا يستحق، وينال ما هو لغيره.
محدث النعمة نقمة على مجتمعه، نافث في كير بين معارفه، لامع مع ظلام حيث يلهث, ماش فوق زجاج في المحكات, يعرفه من لا يرغب هو في معرفته، ويجهله من يمشي من ورائه، لكنه قابل للسقوط عند أول قرع للرعد فوق سطوح مساراته.