لا أظن أنّ إشكالية الدكتور فوزية أبو خالد حُلّتْ. فهي منذ سنوات طويلة مارست الدين بشكل حقيقي. بعيداً عن أية رغبة في الاعتذار. وبمنأى من الصحافة التي تريد إشهار متابعتها للقراء. فلو كانت فوزية تبحث عن مجد لكان يكفيها ديوان واحد من شعرها المفعم بالشعرية حتى ولو كان مكتوبا بالطريقة الحرة التي يعارضها الكلاسيكيون المعاصرون.
إنّ شعر فوزية أبوخالد أهم كتابة محلية على الإطلاق - بعد إبراهيم الناصر. الروائي الذي لم يُعْطَ حقه في الوطن ولا في خارج الوطن وعبدالله مناع والدكتور عبدالله الغذامي - باعتبار ما يجمع هؤلاء مع فوزية من ريادة وموهبة غزيرة وثبات وعزم!.
في ديوانها الأول الذي أصدرته من بيروت؛ حيث كانت تتلقى تعليمها الثانوي هناك وهو يحمل عنوانا فارقا (إلى متى يختطفونك ليلة العرس؟) وهو عنوان مثقل بالدلالات والحمولات والثقة بالنفس التي اقتنعت بسهولة أن صاحبتها موهوبة الى درجة كبيرة. بل أؤكد أنه لم يوجد شاعر يكتب الشعر المنثور مثلها بحيث تعيدك صياغتها إلى الحلم. وفي هذا يقول فرويد: (إن الأحلام هي: ملاذنا من الجنون). تمنحك فوزية الشعر الذي قوامه البسطاء الذين يحقّ لهم أن يحبّوا ويتعارفوا عملا بالقول الكريم {إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} (13) سورة الحجرات، ق. ك.. هنا يرتفع الشعر إلى أسمى مقام له. يصير مثل الخبز والماء والملح، وعود الثقاب. لغة فوزية من ناحية نحويّة هي أكثر بلاغة من اللغة نفسها باشتقاقاتها غير المسبوقة ومفرداتها التي لم تكن ضمن معجم شعري سابق، تريك السماء وكيف تزداد ألقا في ظل التنفس الحرّ وكيف تتألق أنجمها حين يكون ما تكتبه مفارقا للغة المجتمع الذي أجبرَ على الرضوخ للسلطة الذهنية التي تتجلى في العُرْف العام وهي سلطة لا وجود لها سوى في أذهان الذين يعتبرون أنه (العب لعْب اخوك. لا: يغلبوك!) وهو مفهوم يتلبس بالدين كما هو في مخيال الدهماء والذين لا يقرأون ولا يكتبون!
هذه ذريعتي لكتابة فوزية أبوخالد. فإنْ أكُ منصفا فليكن في ميزان حسناتي وإن أكُ متعصبا وباقي التهم التي يثبتها الآخرون دون دليل لأنهم لا يعرفون قيمة الدال والمدلول فلينكروه بقلوبهم لأن أيديهم أو صراخهم لن يغيّر فيّ شيئا.