1- يميل الشخص المُحْبَط إلى حب العمل الجماعي والتضحية بالنفس واحتقار الحاضر وتخيل أشياء غير واقعية والنزعة إلى الكراهية والاستعداد للتقليد وسرعة التصديق وتجربة المستحيل.. وهي مشاعر تزاحم عقل الإنسان المحبط وتدفعه إلى الأعمال اليائسة.. لهذا يشعر بالرضا عن الوسائل العنيفة التي تتبعها الحركات الجماهيرية أكثر من شعوره بالرضا عن أهدافها.
2- ما هو الموقف من الحاضر والمستقبل والماضي عند المحافظ والليبرالي والمتشكك والثوري والرجعي؟.. (المحافظ) يرى أنه لا يوجد وضع أفضل من الوضع الحاضر القائم ويحاول جهده صياغة المستقبل على غرار الحاضر.. ويشابهه في هذا الموقف (المتشكك)، فهو يؤمن أن الشيء الذي حدث هو الشيء الذي سوف يحدث ولا يوجد جديد تحت الشمس.. أما (الليبرالي) فيرى أن الحاضر هو وليد الماضي وأنه ينمو ويتطور باستمرار.. وأن أي أذى يمس الحاضر سوف يؤذي المستقبل.. من هنا نجد أن المحافظ والمتشكك والليبرالي يشتركون في حب الحاضر.. ومن هنا أيضاً نتوقع أنهم لن يستجيبوا طواعية لفكرة التضحية بالنفس.
أما (الثوري والرجعي) فيكرهان الحاضر ويعدانه انحرافاً وتشويهاً.. والاثنان مستعدان للهجوم بقسوة وطيش على الحاضر.. وكلاهما منفتح على فكرة التضحية بالنفس.. والاختلاف بينهما أن الثوري يرى ضرورة تغيير بيئة الإنسان وإقامة آليات تعيد صياغة حياته تخلق مجتمعات جديدة غير مسبوقة في التاريخ.. بينما الرجعي لا يرى في الإنسان مساحة كبيرة يمكن تطويرها.. لهذا يرى أنه إذا أراد لمجتمع أن يتطور بشكل صحي ومستقر فلابد أن يتبع نموذج الماضي الناجح.. فهو يرى في المستقبل إحياء عظيماً لما كان ولا يعده فرصة لابتداع ما لم يكن.
3- سوف نجد أناساً مستعدين للموت من أجل وسام أو علم أو شعار أو رأي أو أسطورة، لكن لن نجد من يضحي بنفسه في سبيل شيء يملكه.. فالجدير بالملاحظة أن اليهود الذين استسلموا بانقياد للإبادة في أوروبا النازية قاتلوا بشراسة حين انتقلوا إلى فلسطين.
4- إن قدرة المؤمن الصادق على أن يغمض عينيه ويسد أذنيه عن الحقائق التي تستحق أن تُرى أو تُسمع هي التي تؤجج حماسه الدائم وثباته على مواقفه.. من هنا نجد أن فاعلية عقيدة ما لا تقاس بعمقها أو سموها أو صدق الحقائق التي تنطوي عليها بل بقدرتها على حجب الشخص عن نفسه وعن العالم.
(فقرات من كتاب المؤمن الصادق الذي تم تأليفه عام 1951م وترجمه الدكتور غازي القصيبي العام الماضي).