اقتربت قائمة (دولة القانون) -التي يرأسها رئيس الحكومة المنتهية ولايتها نوري المالكي- كثيراً لعقد اتفاق مشاركة ومحاصصة بينها وبين القائمة العراقية التي يرأسها رئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي، ولأن العراقية تضم الرموز العربية والوطنية والتي تمثل ثقلا سياسياً ووطنياً لا يستهان به في الشارع العراقي كونهم الأكثر تأثيراً عند المكون السني، فالدكتور طارق الهاشمي وصالح المطلك (رغم اجتثاثه من الانتخابات) وأسامة النجيفي ورافع العيساوي، هم قادة العراقية والأكثر تأثيراً في الشارع العراقي، بل تتجاوز قوتهم السياسية وزعاماتهم في محافظاتهم إذ إن أسامة النجيفي هو الزعيم السياسي الأكثر قوة وتأثيراً في محافظة نينوى (الموصل) وكذلك طارق الهاشمي، أما صالح المطلك فهو الأكثر شعبية في الأنبار وديالى وحتى بغداد، وقد حصل على أصوات مهمة في الانتخابات السابقة في المحافظات الكردية والجنوبية، ورافع العيساوي يحظى بقبول وتقدير في الأنبار وديالى وبغداد، وهؤلاء هم أركان القائمة العراقية وهم الذين وراء حصدها للمقاعد الكثيرة، ولهذا فقد جن جنون جماعة إيران بقرب توصل دولة القانون والعراقية للاتفاق لتقاسم السلطة، إذ إن هؤلاء الأربعة لابد وأن يتسلموا وزارات سيادية إن لم يكن أحدهم رئيساً للجمهورية بعد توسيع صلاحية المنصب. ولهذا فقد حركت إيران مندوبها الدائم أحمد الجلبي الذي يضطلع بمهام ترتيب مواقف حلفاء إيران داخل العراق وهذا المندوب هو الذي صاغ وبعث التركيبة الطائفية الحاكمة التي تولت الحكم بعد رحيل بريمر، أليس هو صاحب فكرة (البيت الشيعي) الذي ضم الأحزاب الشيعية في ائتلاف واحد؟!
والآن يعود أحمد الجلبي للعب نفس الدور الطائفي لتغييب التفاهم الوطني، فانتهج الجلبي أسلوب تخويف الشارع الشيعي من ائتلاف المالكي وعلاوي، مشيعاً بأن تفاهم العراقية ودولة القانون سيضيع الفرصة على الأحزاب الشيعية من الإمساك بالسلطة ولكي يحقق مأرب (طهران) من تفتيت التفاهم الوطني، قام بمحاولات محمومة لإعادة صياغة تحالف طائفي مكون من أحزاب الفضيلة وحزبه حزب المؤتمر إضافة إلى مكونات الائتلاف الوطني المكون من أحزاب المجلس الإسلامي الأعلى برئاسة عمار الحكيم والصدريين برئاسة مقتدى الصدر، والأحزاب الصغيرة «التغير» برئاسة إبراهيم الجعفري وحزب الدعوة - تنظيم العراق.
وعزت مصادر عليمة سبب الدفاع الجلبي في لم شمل مكونات الائتلاف الطائفي إلى الضغوط الإيرانية التي تزايدت على الأحزاب الشيعية بعد الأنباء التي تحدثت عن ضغوط أمريكية للتقريب بين العراقية ودولة القانون، فضلاً عن فشل الائتلاف في الاتفاق في اختيار مرشح لرئاسة الوزراء من بين المرشحين السابقين، عادل عبدالمهدي (قيادي في المجلس الأعلى) وإبراهيم الجعفري.
إن طهران التي تدير ملف اختيار رئيس الوزراء، وكالعادة ستقدم جماعات المجلس الأعلى قرابين من أجل مصالحها القومية. فقد أكد عضو (التحالف) عن (منظمة بدر) ذراع المجلس العسكري والتي كانت جزءا من الجيش والاستخبارات الإيرانية أثناء حرب الخليج الأولى وبعدها، النائب محمد مهدي البياتي أن (التحالف يدرك أن الوقت بدأ ينفد، وأن هناك إصرارا من الزعماء على عدم خرق الدستور والتزام المواعيد التي حددها. وهذا ما جعل جميع أطراف التحالف تسابق الزمن لحل جميع الإشكالات). وأضاف أن (الأزمة الحالية سببها إصرار دولة القانون على ترشيح المالكي على رغم معرفتها بأن كل الكتل لديها مشكلة معه وهناك رفض لشخصه)، وأضافت المصادر أن «المجلس الأعلى (20 مقعداً) وتيار الصدر (40 مقعداً) ما زالا المعارضين الرئيسيين للمالكي، مرجحة أن ينجح رئيس الوزراء في الفوز بترشيح التحالف لكن عليه تخطي عقبة كتلتي التحالف الكردستاني والعراقية».
jaser@al-jazirah.com.sa