Al Jazirah NewsPaper Wednesday  07/07/2010 G Issue 13796
الاربعاء 25 رجب 1431   العدد  13796
 
أي اتجاه يأخذ الشباب
د. فوزية أبو خالد

 

من خلال عملي في البحث الاجتماعي ومتابعتي لشؤون الشباب يمكن رصد عدة توجهات متنوعة تتنازع الشباب بمجتمعنا السعودي وتتنافس بشكل غير متكافئ على جذبهم لأحدها.

وفي هذا المقال سأقوم باستعراض عدد منها علها تشكل دعوة للتأمل نحو شراكة مع شريحة الشباب لترجيح تلك الاتجاهات التي تعمل على تفعيل طاقة الشباب بالمجتمع بما يجعلهم شريكا في تنمية المجتمع وشريكا في القرارات التي تعزز المسار التنموي والسلمي والإصلاحي بالمجتمع، ومن تلك الاتجاهات ما يلي:

1- اتجاه ينحو إلى الانسياق مع دعوات التعصب المبطنة أو الظاهرة, مع ادعاء عصمة فوقية في المواقف، والاعتقاد بخطأ كل ماقد لايتفق مع ما يراه أصحاب هذا الاتجاه وحده عين الصواب. فيستعلون على المجتمع عن طريق التمسح بالمقدس وافتراض أنهم الأخيار في غابة الاشرار, دون الكف عن محاولة انتزاع دور متعال في المجتمع وإن بالعنف أو التعاطف مع ظاهرة العنف كوسيلة يرى أصحابها أنه لاغنى عنها لنيل قطعة من حلوى السلطة أو على الأقل لفت الانتباه والخروج من ظل التهميش.

2- اتجاه انسحابي اغترابي يرتاب في السياسة فلا يثق في الحديث داخليا عن الإصلاح وينأى عنه باعتباره مجرد (كلام للاستهلاك الإعلامي ليس إلا). وبالمقابل يتوجس من المشاريع الخارجية إلا أنه لايرى له قِبَلاً على مواجهتها فلا يبالي بمقاومتها. (وهذا التوجه قد يعبر عن نفسه بالاغراق الهوسي في تفاصيل ذاتية صغيرة ومشاحنات تافهة واهتمامات سطحية أو بالتحول نحو مايشبه حالة من (التوحد المرضي) مما تتجسد بعض مظاهره في عزلة الشباب عن مجرى الحياة العام في القهاوي والاستراحات. وقد يصبح نفر من أصحاب هذا الاتجاه حبيسي حبال الشيشة وسواها من متع متلفة للصحة ولزهو الشباب كتعبير عن علاقة غير مرضية بالمجتمع وبالذات معا. وقد يجرهذا الاتجاه بعضهم- لا سمح الله- إلى المخدرات أو في أحسن الاحوال قد يكتفي أصحاب هذا الاتجاه براحة اليأس الذي قد لا يقل خطورة وإن بدت خطورة مؤجلة.

3- اتجاه يخرج على ضيق الواقع بخلق بديل متخيل في العيش في فضاء عالم الانترنيت. وتتراوح عوالمه من تحقيق سقف أعلى لولادة آفاق ثقافية جديدة إلى تخلق تيارات فكرية مختلفة ومن الانغماس في شبكة من العلاقات الرومانسية الاستهلاكية إلى الانغماس في شبكة من العلاقات السياسية او الجنسية الواضحة أو الغامضة.

4- اتجاه نفعي انتهازي لدى بعض الشباب في محاولة جني مكاسب شخصية في شكل ثراء مالي أو الحصول على مواقع اجتماعية لامعة مقابل تضامنه مع السائد الاجتماعي وتغاضيه عن توترات الخارج المحيقة باستغلال شبكة العلاقات الاجتماعية التقليدية أو المستحدثة.

5- اتجاه يتمثل في مجاراة الصورة التعليمية والإعلامية الرائجة عن مفهوم المواطن الصالح الذي عليه أن يتخلى عن أي حس نقدي أو قدرة على المبادرة مع القبول بالمقسوم الاجتماعي والرضا من الغنيمة بالسلامة.

6- اتجاه يتسم بالتمرد السلبي وقد يتمثل في تبني أحد الاتجاهات المتطرفة التي عادة ما تتراوح بين رفض الآخر برمته سياسة وثقافة وعلاقات إلى الانفتاح المغرق في التغريب الملتبس في هويته.

7- اتجاه قد يشكل حالة عالمية عامة يشترك فيها الشباب السعودي مع عدد من شباب العالم تتمثل في عدم الاكتراث بالقضايا الكبرى وما يجري في العالم وقصر الجهد والاجتهاد على النجاح في اليومي والمعيشي من جوانب الحياة داخل الأسرة والوظيفة بما يعبر عنها ذلك الرواج والإقبال الكبير على تلك النوعية من الكتب التي تعنى بتطوير المهارات التقنية والذاتية للأفراد.

8- اتجاه يريد أن ينخرط في مشاريع الإصلاح التي يجري الحديث عنها والوعد بها (مثل الاقبال الشبابي الذي شهده مركز الحوار الوطني حين طرح قضايا الشباب وقضايا التوظيف وقضية الخطاب الثقافي مؤخرا). إلا أنها مشاركات موسمية وقد لا يعرف عامة الشباب قنوات الوصول إليها. كما قد يحدث أن تأتي بعض مبادرات الإصلاح متأخرة أو تأتي متباطئة أو لا تخرج بنتائج عملية ملموسة مما يصيب الشباب بالذبذبة تجاهها إذ لم نقل التشكيك في مصداقيتها.

9- اتجاه يحاول تطوير مواقف عقلانية ووسطية منفتحة تحاول أن تخلق مساحة جديدة للاختيار والفعل إلا أنه كثيرا ما تغلق في وجهه الأبواب بمحسوبيات تقليدية أو بتنفير يأخذ مسميات العلم والحداثة.

والسؤال الهام أي الاتجاهات يريد شبابنا لأنفسهم وأي اتجاه نريده لشبابنا، وكيف نمكنهم من الاختيار والعمل على تكريس اتجاهات وطنية تعطي هذه الشريحة الحيوية من بنات وأبناء المجتمع على قدم المساواة ماتحتاجه من كرامة وقيمة واعتبار بما يجعلهم قوى مشاركة في بناء مستقبل تكون قراراته بيدهم لأن لا مستقبل لمجتمع بدون دماء جديدة تملك حس الهوية والانتماء وتمكن من حق المشاركة والعطاء.

وأخيراً حبذا لو أضاف كل شاب وشابة على موقع الجزيرة أو بريدي الإلكتروني ما أغفله هذا المقال من اتجاهات تراود أحلامهم أو تدعوهم للسير في طرقاتها, لنستضيء كمجتمع وككتاب بضوء بصيرة الشباب فنكتب بعنفوان أسئلتهم وزيت حماسهم. هذا ولله الأمر من قبل ومن بعد.



Fowziyah@maktoob.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد