فتاة حسناء وهبها الله وجهاً وضاءً كالقمر استدارةً وصفاءً، مَن نظر إليها أسرته، ومَن خاطبها احتوته.
جمال لم يجعلها تتغطرس، ولا تتكبر، ولكن هذا الجمال - بإهمال مَن حولها - أصابها بندبات في الجبين والخدين، جعل مَن ينظر إليها يقول: ما أجملها وما أحسنها، ولكن.. وهم يشيرون إلى هذه الندبات.
وطني كبير، كبير برجاله، قادةً وشعباً.. وطني وضاء بأعماله الجليلة في الداخل والخارج.. وطني أرض خصبة لكل عمل خير للإنسانية جمعاء.. وطني إذا قلت عنه حديثاً جميلاً لن يأتي مَن يكذبني، بل قد يأتي مَن يلومني؛ لأني قصرت في إبراز الحقيقة الجميلة كاملة.
هذا الوطن الجميل الذي أنفق وما زال ينفق الأموال الطائلة خدمةً لكل عربي ومسلم، وما زال يؤدي رسالته للإنسانية جمعاء في أكثر من محفل، هذا الوطن الذي يأتي في المرتبة الأولى عالمياً في دعم المنظمات الإنسانية، وفي دعم الدول الفقيرة، وفي الإغاثة العاجلة أثناء الكوارث الطبيعية، هذا الوطن الذي يرتفع فوق كل ما يمكن أن يكدر صفو العلاقة بين الأشقاء، هذا الوطن السباق دوماً إلى كل ما ينفع الأمة جمعاء، هذا الوطن الذي مهما تحدثت وتحدث عنه غيري لن نوفيه حقه؛ فهو الأكثر عطاءً والأكثر بهاءً، وهو بيت الجميع، ومهوى أفئدة المسلمين، هذا الوطن هل يجوز أن يأتي مَن يصيب وجهه الجميل بهذه الندبات، أو بهذه البثور المشوهة لهذا الجمال؟؟!!
أحزن كثيراً عندما أسمع من بعض الأشقاء الذين رضينا بأن يكونوا بيننا عاملين على تراب أرضنا ومستنشقين لهواء فضائنا، أحزن عندما أسمع منه آهات الألم وهو يعاني أصلاً من ألم عضوي فيزيده نظامنا الصحي ألماً فوق ألم..!
رجل أنهكه المرض المفاجئ يستغيث ولا مغيث، ويستصرخ ولا مصرخ، الأبواب أوصدت في وجهه، والكل يقول بلسان واحد: هل معك أمر سام لعلاجك؟ يسترحمهم؛ فلا يجد مَن يحن قلبه؛ لأن النظام لن يرحم هذا الموظف لو مرر ملفه، بل إنه لن يستطيع تمريره؛ فنظام الحاسب لن يقبله..!!
خارت قواه، ودمعت عيناه، ليس لأنه مريض فحسب، ولكن لأنه على أرض المملكة العربية السعودية، ولم يجد مَن يخفف ألمه..!! وهو الذي دائماً يردد: السعودية ملاذنا نحن العرب جميعاً، لا أكتمكم؛ فلقد تألمت أشدَّ من ألمه؛ لأنني لم أستطع مساعدته؛ فالأمر جدّ مرهق، ويحتاج إلى رجل خلق للمهمات الصعبة، هنا مهمة صعبة تحتاج إلى أمر سام صريح، والكثير يبحث عما يملأ جيبه لا ما يملأ صحيفته عند ربه؛ فالناس صاروا عباداً للدرهم والدينار، وقلة قليلة تردد: اللهم اجعلني خير عبادك لعبادك.
تخيلت لو كنت في وضع هذا العربي في دولة ما، واحتجت إلى مثل حاجته، ولم أجد معيناً لي، كيف ستكون حالتي؟! أمر في غاية الإزعاج والألم ولا يمكن تخيله، مرض ورفض وقلة حيلة، يحق لمثل هذه الحالات أن تتخلى عن الحياة رغم أنفها بعمل لا يقبله الدين (تنتحر) ويبوء بإثمه مَن كان السبب.
إننا مطالبون بأمرين لا ثالث لهما: إما تأمين العلاج والعناية الصحية الكاملة لكل مَن نقبله يعيش على تراب وطننا، أو أن نسنَّ أنظمة واضحة وصريحة وصارمة تحقق لهؤلاء الحياة الآمنة طوال بقائهم بيننا، أما أن تكون الأمور كما هي عليه الآن ففي اعتقادي أن ذلك مما يشوه وجه مملكتنا الجميل.
Almajd858@hotmail.com