قبل بداية المونديال قلت إن هذه النسخة من كأس العالم ستكون بطولة المدربين.. وقلت إن المنتخب الذي يمتلك الجهاز الفني الأكفأ والأقدر هو من سيكون له الدور البارز في المونديال، حيث قلّت الفوارق الفنية بين اللاعبين والمنتخبات وأصبحت المسألة تتعلّق بمن يستطيع تطبيق خطط وطرق اللعب التي باتت الفيصل في الأفضلية وقوة منتخب عن آخر.. ومع نتائج المونديال نتأكد يوماً بعد آخر أن كل ذلك أصبح حقيقة واضحة جداً، فمنتخبات تعد من المنتخبات الصغيرة نجحت في الفوز على منتخبات أعرق وأكثر قوة وشهرة؛ ولنا في نتائج اليابان وكوريا ونيوزيلندا والباراجواي والأورجواي خير مثال على ذلك.. فالنجوم والسمعة والصيت لا تنفع ما لم تقترن بالأداء الفني المعتمد على الكرة الحديثة والانضباط التكتيكي والتوازن الدفاعي والهجومي.. وهذا ما ينطبق على المنتخب الأرجنتيني بمدربه الشهير دييغو مارادونا الذي خرج من المونديال رغم ما يضمه منتخبه من كوكبة من النجوم الكبار الذين يتمناهم أي مدرب.. فوضع الأرجنتين في البطولة رغم فوزه في الدور التمهيدي بمبارياته الثلاث كان تعبيراً حقيقياً عن الفقر الفني الخططي والجماعي والتكتيكي.
فمنتخب التانجو كان يعتمد على الأفراد والنجوم ومهاراتهم مع أخطاء إستراتيجية فاضحة على مستوى التشكيل وطريقة اللعب.. فمارادونا كان يلعب تقريباً بطريقة 4-2-4 بوجود أربعة مهاجمين رئيسيين هم دي ماريا وتيفز وهيجوين وميسي مع وجود محورين دفاعيين أحدهما يلعب أصلاً كجناح أيمن وهو لاعب ليفربول ماكسي رودريجز ليبقى ماسكيرانو فقط مع المدافعين الأربعة الذين يصعد منهم الظهيران لينكشف المرمى بسهولة أمام الخصوم.. وقد قلت مع الزميل أحمد العجلان في برنامج كل الرياضة بعد جولتين من المونديال تقريباً إن الأرجنتين ستخسر حين تواجه فريقاً منظماً دفاعياً ولن يكون بمقدور ميسي أفضل لاعبي العالم تحقيق الفوز ما لم يبن حوله فريق حقيقي يدافع جيداً ويناور وسط الميدان ويجيد التحكم في مسار اللعب وهكذا خرجت الأرجنتين برباعية مذلة أمام التكتيك الألماني الحديث الذي في تصوري هو السر الحقيقي في الأداء المبهر للمانشافت، حيث طريقة اللعب الأفضل في العالم حالياً 4-2-3-1 وبواسطتها جندلت ألمانيا الخصوم بدءاً بأستراليا ثم إنجلترا فالأرجنتين.. وسيكون الألمان مرشحين فوق العادة للوصول للنهائي حين يلاقون الإسبان غداً رغم الأداء الرائع لنجوم إسبانيا لكن التكتيك الألماني العالي سيكون محرجاً جداً لإسبانيا ما لم تسجّل مبكراً..
ولا أنسى هنا الإشارة للأداء المتوازن لمنتخب هولندا الذي سيكون الأقرب للوصول للمباراة النهائية الليلة حين يلاقي الأورجواي، فالهولنديون تخلوا عن اللعب الهجومي المفتوح وتركوه لإسبانيا مفضّلين الأداء المتوازن وحماية المرمى والقتال وسط الميدان لتكون البرازيل ضحيتهم الأبرز.
إذاً الكرة اليوم أصبحت علماً متاحاً للجميع وبإمكان أي فريق أن يقدّم الكرة التي يفضّلها جهازه الفني (المتمكّن) لتبقى الفوارق بسيطة جداً ومحدودة في نجوم معينين بإمكانهم تقديم الإضافة لفرقهم وإن كانوا في هذا المونديال غائبين باستثناء الإسباني الرائع ديفيد فيا ونجوم ألمانيا الشباب مولر، أوزيل، وبقية النجوم وعلى رأسهم المدافع الكبير فيردريك.
لمسات
بخروج قنوات الـART من الساحة الإعلامية ستفتقد الجماهير الرياضية السعودية التغطيات المميّزة لمعسكرات الأندية الإعدادية في أوروبا.. وهي فرصة ممتازة للقناة الرياضية السعودية للقيام بنفس الدور وبأقل الأسعار لتقدّم لمشاهديها مباريات الأندية السعودية في أوروبا المتابعة جماهيرياً وإعلامياً!
تعقدت أمور الفريق الشبابي كثيراً وهو يغادر إلى معسكره الأوروبي من دون مدرب حتى الآن.. وقد يدفع الفريق الثمن خلال الموسم لأن الإعداد هو أهم فترات الموسم!
الحصاد الموسمي للأندية السعودية الذي يقدّمه الرائع عبد الله المالكي عبر صفحات (الجزيرة) سنوياً يعد بمثابة ورقة أو كشف حساب لإدارات الأندية التي تصرف الملايين سنوياً ولا تقدّم لشباب الوطن شيئاً في باقي الألعاب.. ولو قدّر أن قامت الرئاسة العامة لرعاية الشباب بمحاسبة الأندية على إنجازاتها وأعمالها لما استحق الاستمرار سوى عدد محدود جداً من الإداريين!
كشف الحساب السنوي فرصة للإسراع في خصخصة الأندية وتخصيصها لألعاب محددة ليقوم كل ناد بالتركيز على الألعاب التي ينجح بها وإيقاف هدر الملايين هنا وهناك.