في زاوية «نهارات أخرى» بالعدد 13747 قرأت موضوعاً عن التوجه لتدريس المعلمات للصفوف المبكرة بنين..
كمدخل لهذا الرأي.. أقول إنه منذ بدايات التعليم العام.. احتضنت المدارس زخماً غريباً من نماذج توجهت للتدريس كوظيفة فحسب لا رسالة يرعى بها عقلاً ويبني لها اسماً ويعد من خلالها جيلاً يحوي بداخله قيم ومبادئ.. أبدا كل هذا لم يرد في ذهن «معلمي الضرورة» بل وجدوا المدرسة «مساحة لممارسة أنواع التعذيب والإيذاء النفسي والجسدي.. بعصا غليظة.. وأيادٍ مثخنة بأعمال حرفية.. وتكشيرة يخص بها تلاميذه!! وماذا كانت النتائج وكيف هي مخرجاتهم؟ كل ما هنا و.. هنالك أنهم أعادوا للمجتمع المدرسي وحشية «معتقل الباستيل الإسباني» بقسوة التعامل وفظاظة الأسلوب.. تلاميذهم ترتعد فرائصهم صباحاً ويتنفسون الصعداء ظهراً ويبحثون عن الأعذار طلباً للغياب.. وعزز هذا غياب الوعي لدى المجتمع آنذاك.
ولا أعتقد أن وقتنا الحالي.. والسنوات القريبة التي مضت قد أحدثت نقلة مرحلية في إعداد معلم صف يتمتع بسمات مستقرة.. ويتحمل العفوية الزائدة من تلاميذ لا يزالون يعيشون بتلقائية مراحل الصبا.وهل لنا أن نتصور أن المعلم الذي عهد إليه تدريس أيٍّ من الصفوف المبكرة وضع لتلاميذه خطوطاً في فن التعامل بين المعلم وتلميذه بعلاقة لا تربطها سياسة الصراخ؟ وهل استطاع أن يضع أسس المربي الناجح في شخصيته مع أبنائه بدون توجيه عبارات التهكم والإقصاء؟! هل تتوقع أيٍّا من هؤلاء وضع لنفسه فلسفة ينطلق منها.. وبها في إعداد جيل يتمتع بتوازن عاطفي وعقلي جيد؟
من خلال المعطيات التي أراها أؤكد أن شيئاً من هذا لم أره متحققاً إلا على نطاق ضيق.للذين يعارضون هذا التوجه أقول لهم مستفهماً: من الذي يتابع التلميذ في هذه المرحلة المبكرة بالذات؟ ومن الذي يخصص حيزاً كبيراً من وقته لمذاكرة تلميذ والصبر عليه والتكرار معه في الاستفسار؟ من الذين يدون الملاحظات والتوقيع على إشعار مستوى الطالب؟
بالتأكيد..بالتأكيد هي الأم، أو شقيقته هذا أمر ملاحظ لا يمكن نفيه..لننظر إلى حال الطالبات في المرحلة التأسيسية.. تجد الفرق واضحاً من حيث ترتيب وسائلها التعليمية وكتبها المدرسية والدقة في أدوات التقييم فضلاً عن العبارات المحفزة معنوياً التي تترك أثراً إيجابياً يظل كذكرى رائعة عن «المعلمة» كل هذا أعتبره مسوغاً قوياً لدعم هذا التوجه وتأييده.
لقد زرت العديد من المدارس في إحدى الدول الخليجية (الإمارات العربية المتحدة) ورأيت كيف هي حال مدارس التعليم الأساسي - الحلقة الأولى - ذكور - من إدارة مدرسية.. وهيئة تعليمية نسائية.. وبكل صراحة وجدت الإبداع في العمل التعليمي والضبط الصفي والرقابة القوية من المعلمات في الساحة المدرسية ثم تأدية العمل بنجاح حتى تخرج من أياديهن من هم الآن في مراكز قيادية وإشرافية في دولتهم والسبب واضح وجلي وهو أنهم لم يضعوا العوائق وعبارات الحذر والتوجس في مساراتهم التعليمية.أعتقد أنها تجربة رائدة.. أتفق معها مؤيداً وداعماً لفكرتها.
والله الموفق.
سعد بن محمد العليان -عنيزة