لأن نوري المالكي مستعد للتعاون مع أي شخص يضمن له البقاء في موقع سيادي (رئيساً للحكومة أو رئيساً للجمهورية) كما يطرح من صيغ تقاسم مع العراقية، فإنه قَبِل أن يجلس مع من كان يرتب لهم عمليات القتل والإقصاء (ليس فقط إياد علاوي، بل طارق الهاشمي وأسامة النجيفي وصالح المطلق ورافع العيساوي) والذين كان يرتب لهم الدسائس ومؤامرات التفخيخ والترصد والاجتثاث والإقصاء والتي أنجاهم الله منها.
القائمة العراقية التي اختارت إياد علاوي لرئاستها رغم فعلته وذنبه الكبير عندما سمح باجتياح الفلوجة وإبادة ثلث أهلها من السنة العرب وإصابة من تبقى منهم بأمراض السرطان نتيجة استعمال قوات الاحتلال «اليورانيوم المخصب»، لا يمكن أن يقبل منه أن يتجاوز حشود العراقيين المهمشين والذين دفعهم التزامهم العربي والدفاع عن عروبة العراق بأن يتَحدوا كل المليشيات الطائفية والباشمركة وحتى القوات المسلحة والأجهزة الأمنية التي كانت تخضع لتهديدات نوري المالكي الذي كان (القائد العام لكافة القوات المسلحة)، وبالتالي يفرض عليهم أوامره.
هؤلاء ناخبو العراقية الذين تحدوا الصعاب وتهديدات القتل والإقصاء والاجتثاث، هم أصحاب الفضل في حصد (العراقية) وإياد العلاوي المركز الأول في الانتخابات وبالتالي فإنهم أصحاب الحق في تحديد خياراتها وتحالفاتها السياسية، وهؤلاء الذين ضاقوا من عذاب حكم المالكي وكل أفعال حزبه (حزب الدعوة) الذين كانوا يديرون كل الوزارات من خلال مناصبهم كوكلاء للوزراء والمديرين العاميين لا يمكن أن يقبلوا بأي تحالف أو تقاسم للسلطة مع نوري المالكي وحزبه وإلا كأنهم لم يفعلوا شيئاً وكأنهم يساعدون على إبادتهم واجتثاثهم.
ولأن إياد علاوي بات مهووساً بمنصب رئيس الوزراء الذي شل تفكيره بالكامل كما يبدو دون أن يدرك أن (العراقية) باتت اليوم في أحسن حالاتها سياسيا، بعد أن عجز الائتلافان الشيعيان، دولة القانون والوطني عن إتمام تحالفهما، فإن المسؤولية الوطنية تحتم عليه ألا يعطي كلمة دون الرجوع إلى رفاقه في قيادة الكتلة والتشاور معهم في أي شأن يخص (العراقية) ويبدأ حالا في تسريح الذين التفوا حوله والذين لا علاقة لهم ب(العراقية) وليسوا من أعضائها أو أنصارها، وإنما هم مجرد أصدقاء أو شركاء معه.
الكتلة العراقية أمام امتحان عسير، فإما أن تخرج منه منتصرة كما خرجت في الانتخابات الأخيرة وهذا يستدعي من قادتها أن يكونوا بمستوى المسؤولية التي منحتها لهم الملايين التي صوتت لهم، أو أنها ستنحدر إلى الهاوية إذا استمر إياد علاوي ومجموعته في الحديث باسمها والتفاوض نيابة عنها.
وقد ناشد أكثر من مفكر وكاتب عراقي قادة العراقية بأن يمنعوا ذبحهم من جديد بالقول (يا طارق الهاشمي وصالح المطلك وأسامة النجيفي ورافع العيساوي تذكروا أن الجمهور الذي انتخبكم ولقي من أجل فوزكم القتل والاغتيال والاعتقال والتشريد والملاحقات والتهم الباطلة، لن يغفر لكم إذا ضعفتم أو تهاونتم في أداء دوركم الذي التزمتم به أمامه في السر والعلن، عليكم أخذ المبادرة من علاوي قبل أن يلقي بكم إلى الصفوف الخلفية مجرد مرافقين وموافقين).
jaser@al-jazirah.com.sa