عندما كنت صغيراً لم أكن أعلم أن أحداً من النساء يغني إلا رباب، ربما لأن صوتها كان كاسراً للمألوف، ربما لأنها كانت تغني من فؤادها، ربما لأنني أحببت صوتها مثلما فعل غيري.
الأسبوع الماضي كنت في بيروت حين نقل لنا خبر انتكاسة حالتها الصحية ووفاتها إكلينيكيا، ومباشرة اتصلت بأحد الزملاء الإعلاميين المقربين جداً منها ولم يكن حينها يعلم بما وصلني وهاله ما سمع وعاد ليبلغني بصحة الخبر وأن الأطباء أوقفوا كل تدخل جراحي أو طبي وسويعات قليلة وتعلن وفاتها (رسمياً).
لم أكن أعلم أن أحداً غير رباب يستطيع الغناء ربما كان ذلك وأنا صغير، لكنني اليوم أشعر بأنني فقدت شيئاً من الإحساس بوفاتها، فهي كانت صوت البسطاء أمثالنا، ونبض لم تستطع أي من الفنانات الحاضرات صياغته أو حتى الإحساس به مع احترامي الفائق لهن، ولا أحد مثل رباب يغني كما نريد، لا أحد يشببها في الغناء (طرباً).
لرباب في ذاكرتنا ألف حكاية ورواية، ولها في داخلي محبة رغم أنني لم ألتقِ بها أبداً، وتقصير مني أن زرت دبي مرات عدة وكانت في خارطة مواعيدي واكتشف أنني أعود إلى الرياض دون أن أستمع لها وجهاً لوجه.
رحم الله رباب التي عاشت (ضعيفة) وتغني لوحدها، رحم الله صوتها لم ينكفئ على نفسه ورمت عليه الظروف حبالها وتلاطمتها الأمواج، رحم الله صوت العراق الذي رحل عنا اليوم.. سقطت دمعة في آخر السطر.
m.alqahtani@al-jazirah.com.sa