ما زال (الأخذ والعطا) قائما بين نظام ساهر وبين المجتمع, المرور يؤكد أن نظام ساهر أسهم في الحد من الحوادث على الطرق, فيما (الناس) ترى أن نظام ساهر يمثل عبئا ماليا عليهم, المرور يقول إن كاميرا المراقبة لا تعيق عملها (البخاخات) ولا برامج الكمبيوتر والهواتف النقالة, فيما الناس يرون أن ذلك أصبح حلا ناجحا تجاوزوا من خلالها عيون الكاميرات بسلام, وإذا كان نظام ساهر قد سيطر على وسائل الإعلام الرسمية, فإن الناس قد سيطروا على إعلام (الإنترنت) فكلا الاثنين يبث من خلال إعلامه ما يشاء, الكاميرات المركبة على سيارات (فان) تتصيد الناس, والناس يخبرون بعضهم البعض بشكل فوري عن مكان وجودها وشكل ولون السيارة وموديلها, لتعاود سيارات المرور المتخفية مرة أخرى تغيير أماكنها, ولتلافي كاميرات ساهر, بدأ الكثير من السائقين يسلك الطرق السريعة بسرعة (120) كلم رغم بعد المسافة أحيانا، والمتوقع من هذه الحيلة أن يخفض نظام السرعة في الطرق السريعة إلى (80) كلم حتى يفسدوا عليهم هذه (الحركة)، كان الناس سابقا يقرؤون لوحات كبيرة مكتوب عليها (الطريق مراقب بالرادار)، ولكن بعد نظام ساهر لم نعد نراها, واستبدلت بسيارات متنقلة تقف في الطرقات بصورة متخفية لاصطياد ما يمكن اصطياده كشاهد حي على أن نظام ساهر يستهدف (الاصطياد) أكثر من الحد من السرعة.
وسيتمر الاثنان: المرور والناس يسيرون في خط مستقيم طالما أن كلا منهما يريد أن يفرض وجهة نظره. لا نظام ساهر يريد أن يقبل بوجهة النظر الأخرى, ولا الناس راضية عن معايير نظام ساهر, فكلاهما لا يريد أن يعترف بالهزيمة.
والسبب يعود للآتي: في أدبيات معهد إدارة المشروعات العالمية PMI ثمة تأكيد على (أصحاب المصلحة Stakeholders) وهم الناس الذين (يؤثرون ويتأثرون) بالمشروع, وهذا يتطلب حسب معايير المعهد أن يُراعى هؤلاء عن طريق أخذ وجهات نظرهم وتأكيد استفادتهم المباشرة من المشروع وعدم الإضرار بهم. في حين أن أي مشروع لا يراعي أصحاب المصلحة حتما أنه سيلاقي اعتراضا منهم وسيمثلون لاحقا حجر عثرة للمشروع, وإذا ما طبقنا ذلك على مشروع نظام ساهر, نرى أنه حتى هذه اللحظة لم (يراع) المواطنين باعتبارهم أصحاب مصلحة, ولم يعر وجهات نظرهم أي اعتبار, وطبق المشروع بصورة (أبوية) بعيدا عن أي حوار إيجابي, ومن جانب آخر نرى أن الدول المتقدمة عندما تنوي طرح مشروع له علاقة بالرأي العام, نراها تطرحه (كمسودة) مشروع بكامل تفاصيله على مستوى الإعلام ثم تتلقى فيما بعد (التغذية الراجعة) مما يسهم في نضجه ومعرفة حجم الموافقة والمعارضة ما يسهل من تلافي السلبيات في وقت مبكر, وهذا ما لم تعمله (البتة) إدارة المرور مع مشروع نظام ساهر, فالجميع لديهم اعتراضات وجيهة مع تحديد السرعة, مثل: 70 كلم في شارع التخصصي مع أنه 3 مسارات, واعتراض آخر على تحديد السرعة 60 كلم في المنعطف المتفرع من الطرق السريعة, فمن سرعة (120) كيلو يتطلب عليك عند دخولك المنعطف باتجاه شارع آخر أن تخفض السرعة إلى (60) كلم بصورة مفاجأة, وإن لم تفعل فإن كاميرا ساهر الواقعة في منتصف المنعطف ستلتقطك وأنت (متلبس) بالخطأ الإجباري, وإن قلت أنك ستهدئ السرعة قبل المنعطف كأن تسير (80) كلم, فإنك ستعطل السيارات التي خلفك وربما تسببت في حادث مروري بسبب معايير نظام ساهر.
سؤالان مطروحان في كل مكان, الأول: لماذا لا يفكر نظام ساهر في رفع (سقف السرعة) قليلا؟؟ السؤال الثاني: لماذا لم يعلن نظام ساهر حجم المخالفات بالريال في تقاريره التي أعلنها مؤخراً؟!! ولا بأس من سؤال ثالث: ما رأي مجلس الشورى؟
nlp1975@gmail.com