من يقرأ التاريخ ويعرف جيداً ظروف وإمكانات المنتخبات الآسيوية والإفريقية وأخرى في أوروبا وأمريكا الجنوبية المشاركة في مونديال جنوب إفريقيا سيجد أنها في هذا الجانب أقل منا أو لا تختلف عنا بشيء يذكر, فما الذي جعلها تتطور سريعًا وتصل إلى هذا المستوى المتقدم عنا كرويا؟
في الأسبوع الماضي قلت إن هنالك أطرافا أخرى غير اتحاد الكرة تتحمل مسؤولية ما تمر به المنتخبات السعودية، وأقصد بذلك الأندية والمجتمع والإعلام الرياضي والرياضة المدرسية وغيرها في الوزارات والقطاعات الحكومية والأهلية، واليوم أكتب عن الجزء الخاص بالاتحاد، الذي بإمكانه أن يصنع شيئًا لكرتنا كما المنتخبات المنتمية لدول فقيرة وأخرى حديثة عهد بكرة القدم, وأن يضيف مزيدًا من الإنجازات المسجَّلة باسم الوطن, وهذا برأيي ليس أمرا مستحيلا شريطة أن يعمل - أي اتحاد الكرة - بنفس إدارة وفكر وتخطيط وتنظيم الاتحادات الكروية المماثلة لنا من حيث الخبرة والتاريخ والإمكانات كمنتخبات إفريقيا وكوريا وأستراليا واليابان وغيرها في أوروبا وأمريكا الجنوبية..
أجزم تماما بأن هذه الاتحادات لم تبتكر أو تخترع أنظمة جديدة، ولم تكتشف فجأة كنوزا تحت الأرض، ولم تجلب مواهب أو تستعين بعقول وكوادر من غير البشر, وإنما كل ما قامت به هو أنها بدأت من حيث انتهى إليه من سبقوها، فاستفادت من تجارب ونقلت نفس أساليب ولوائح وطريقة أداء الدول المتطورة كرويا فيما يتعلق بهيكلة وتشكيل وإدارة الاتحاد والاحتراف والتدريب والاستثمار والملاعب والخصخصة والمسابقات والاهتمام بالفئات السنية واكتشاف وصقل المواهب وما إلى ذلك من لجان وأجهزة ذات العلاقة بكرة القدم..
والسؤال: ما الذي يمنع اتحاد الكرة لدينا من اتخاذ الخطوات الناجحة نفسها التي قام بها على سبيل المثال الاتحاد الياباني، واستطاع بموجبها اختصار الزمن، وتفوق علينا بعد أن كانت الكرة اليابانية قبل عقدين هشة وضعيفة، تخسر بسهولة وبأهداف وافرة من صغير المنتخبات الآسيوية قبل كبيرها؟!
باعتقادي أن أكثر ما يعيق اتحاد الكرة ويمنعه من تغيير أوضاعه وتصحيح أخطائه والاستفادة من خبرات وتجارب غيره هو أنه مرتبط إداريا وماليا وتنظيميا بالرئاسة العامة لرعاية الشباب, أي أنه بوصفه جهازا إداريا بكل مكوناته وأهدافه ومتطلباته وقيمته وقوة تأثيره على الكرة السعودية أندية ومنتخبات لا يتمتع بالاستقلالية التي تسمح له وتساعده على العمل باحترافية مؤسساتية فكرا وإدارة ومنهجية، هو حاليا عبارة عن مجرد إدارة أو قسم تابع للرئاسة, وسيظل أسيرا للبيروقراطية وتعقيداتها ومثبطاتها الإدارية..
لا يمكن أن نصل إلى مستوى هذه الدول طالما أن اتحاد الكرة مقيد بالرئاسة العامة لرعاية الشباب ويشرف على فرق تطبق الاحتراف وهو ليس محترفا؛ وبالتالي فهو يخطط ويفكر ويجتمع ويقرر على طريقة الإدارات الحكومية؛ لذلك كل ما نتمناه لصالح الكرة السعودية أن يعاد النظر في هيكلة ولوائح وصلاحيات الاتحاد وكيفية توزيع وتسمية لجانه, وأن نستفيد من الآلية التي تم من خلالها اختيار وتشكيل مجالس إدارات اتحادات الكرة في دول آسيوية كاليابان وأستراليا وكوريا الجنوبية, ولا نقول في ألمانيا وإسبانيا والبرازيل..
كل عين على أقشره!
كتب الدكتور جاسر الحربش قبل أسبوعين هنا في الجزيرة في زاويته المشاكسة (إلى الأمام) مستهزئا بنجوم الكرة السعوديين ومستاء بحرقة شديدة وحسد واضح لم يجد حرجًا في إعلانه من شهرتهم الواسعة والمبالغ الكبيرة التي يتقاضونها دون وجه حق، ولمجرد أنهم يركلون كرة في الهواء.. في الوقت الذي لا يتوافر فيه القليل من هذه المزايا والهدايا والمرتبات والبدلات للأطباء وأساتذة الجامعات ومَنْ هم في مستواهم..
هذه المبالغ يا دكتور تأكد أنها لم تأتِ للاعبين النجوم هبة أو سرقة أو مجاملة لهم أو بطرق مخالفة غير نظامية أو غير مشروعة كتلك التي تعرفها وتعرف مصدرها ونجومها ودهاليزها وأساليبهم الملتوية في الحصول عليها، وإنما من خلال عقود واضحة ومعروفة مع أندية تستفيد من نجوميتهم وتستثمر مواهبهم وتحقق المكاسب المتعددة من الاستعانة بهم, فما المشكلة وما العيب في ذلك؟ ثم ألا تعلم أن هنالك عقودا لنجوم في أندية أوروبية تفوق في النادي الواحد ميزانية دولة بكاملها؟ وما الفرق بين إبداع وإمتاع وموهبة اللاعب النجم والمواهب الأخرى في الرسم والفن والنحت والألعاب الرياضية الأخرى وغيرها؟ وهل عدم اهتمامك بالكرة يبرر لك مهاجمة نجومها ومصادرة حقوقهم؟
ما دام تفكيرك بهذا الشكل ليتك يا دكتور اختصرت كل هذا العناء وطالبت بإلغاء الرياضة وإغلاق الأندية وهدم الملاعب.. ويا دار ما دخلك شر!!
- قدَّم نواف التمياط نفسه في المونديال محللاً واعياً ومطلعاً ومثقفاً.. هو بلا مجاملة الأبرز والأكثر إقناعاً من عشرات المحللين العرب والأجانب.
- كيف نثق أو نحترم مطبوعة كتب فيها: «خرج المنتخب البرازيلي من المونديال لأنه لعب أمام هولندا بالقمصان الزرقاء»!
- لو خاض النصر الدوري بنصف قوة استعداده الحالي فلن تذهب البطولة لغيره.
- ليس كل نجم يصلح مدرباً، فمارادونا الذي أهدى بلاده المجد وأغلى البطولات لاعباً ها هو يجلب لها العار مدرباً.
- أثبت مونديال جنوب إفريقيا أن هنالك عوامل أخرى إدارية وتدريبية وثقافية ونفسية وعقلية أهم من أكوام نجوم متغطرسين بلا روح، والدليل البرازيل والأرجنتين.