أرجو أن لا يكون هذا العنوان مجالاً للتهكم أو السخرية، خاصة وأنها قضايا باتت الآن الشغل الشاغل لكثير من الناس، وفي الأوساط الاجتماعية المتعلّمة تحديداً.
وأنا أفرّق بين التهكم والسخرية، وبين الضحك، فإذا تمكنت من إضحاك شخصٍ ما فقد حققت مغنماً، لأنك ساهمت في إسعاده، أما السخرية فشيء آخر، لأننا عندما نتحدث عن موضوع مثار في هذه الأوساط ومثير للجدل في نفس الوقت، يجب أن يأخذ محمل الجد.
حيث إن الحديث عن زواج المسيار، هو من الأمور المحببة لدى الأوساط الاجتماعية المتعلّمة التي أشرت إليها في مطلع المقال، وبالذات في أوساط المعلمين الذين أنا واحد منهم، كثيراً ما تدور أحاديثهم عن الزواج، وكثيراً ما يكونون سبباً في تحريض بعضهم البعض على الزواج من زوجة ثانية، وربما ثالثة، وهم قد يكونون سبباً في خراب البيوت في بعض الأوقات، وقد يكونون سبباً لإصلاحها، لماذا؟
لأنّ هناك آراء كثيرة تشير إلى أن التعدد قد يكون حلاً لكثير من المشكلات وعلى رأسها الخلافات الزوجية البسيطة التي لا تتجاوز حب الهيمنة من أحد الأطراف على الآخر، وبالذات إذا كانت الزوجة تحاصر زوجها بالكثير من الأسئلة والتحقيقات التي تجعله يشعر أنه يعيش مع «وكيل نيابة» كما يسميه إخواننا المصريين، وليس مع زوجة حنونة، وكذلك المبدأ الشهير المنتشر بين النساء، وهو «نفضي جيوبه، لا يتزوج عليك» فتجعل زوجها مرهقاً بالمصاريف الكثيرة، وربما استدان، وتحمل أعباءً ثقالاً من أجل تحقيق هذا المبدأ «السخيف» أسمحوا لي أن أطلق عليه هذا الاسم لأنه مبدأ ينطلق من ضعاف الشخصية من النساء، أولئك اللواتي يكن غير قادرات على احتواء أزواجهن واستقطابهن إلى عش الزوجية عن طريق الحب والعاطفة، وعن طريق التفاهم والود، وكل الأساليب التي تساعد على تحقيق السعادة، وهناك كتب كثيرة منتشرة الآن، يمكن لأي امرأة أن تعمل على قراءتها وتطبيق ما فيها من جوانب إيجابية تساهم في تحقيق الكثير من الآمال التي يسعى الزوجان إلى تحقيقها.
أعود إلى موضوعي الرئيس، وهو زواج المسيار، هذا الأسلوب من الزواج الذي اختلف حوله الفقهاء، ثم أجمعوا في المؤتمر الفقهي الذي عقد قبل سنوات قليلة على إقراره باعتبار أنه مكتمل الشروط، وأهمها: موافقة الولي، والشهود، والإشهار ولو من خلال حفل صغير، وليس المقصود بالإشهار الإعلان في الصحف وفي وسائل الإعلام المختلفة، حتى تعلم الزوجة الأولى وتقع الفأس في الرأس، ولكن يكفي أن يحتفل العريسان في بيت الزوجية، أو في منزل والد العروس، أو في أي مكان عام في نطاق ضيق، لأن كثيراً ممن يقومون بالزواج بهذه الطريقة، هم حريصون كل الحرص على أن لا يعلم أحد بزواجهم خوفاً من تسرب الخبر، وكيف يكون مسياراً وهو مكتمل الشروط، المسألة كما تعرفون تعود لتنازل الزوجة عن بعض من حقوقها، مثل أن تتنازل عن السكن لأنها تسكن عند أهلها أو أن لديها منزل، أو أن تتنازل عن المصروف، وكذلك المبيت - يقصد به - الليلة الخاصة بها، أي أنها لا تشترط العدل في المبيت، الأمر يصبح راجعاً للزوج، ومتى ما أراد الحضور أو سمحت ظروفه، لهذا أصبح هناك فئة في المجتمع على النقيض تماماً تحارب هذا النوع من الزواج، وتعتبره غطاءً للممارسة الحرام بطرق مشروعة، مع أن هذه النظرة تتناقض مع ما توصل إليه الفقهاء من رأي حوله، المسألة في نهاية المطاف تعود إلى النية، «إنما الأعمال بالنيات» كما جاء في الحديث.
هناك قصص كثيرة ترتبط بالمسيار، أهمها تلك القصص التي يحدث فيها الاستلاب الكامل لحقوق المرأة، وأهم ذلك عدم السماح لها بالإنجاب، حتى لو كانت فتاة لم يسبق لها الزواج أو الإنجاب، مع أن زواج المسيار من النادر جداً أن تقبل عليه الفتيات اللواتي لم يسبق لهن الزواج، هو في الغالب للمطلقات أو الأرامل، وهن غالباً ما يكن قد أنجبت، من خلال زواجهن الأول، الجانب الآخر: الخدعة التي قد تحدث من الزوج تجاه الزوجة، وهو في عدم استمرار هذا الزواج وقتاً طويلاً، فهو يتحول في مثل هذه الحالة حيث يصبح أشبه بزواج المتعة، أو أشبه بالزواج بنية الطلاق كما يطلق عليه بعض أهل الفقه، وهناك خدع عظيمة حدثت من الزوجات أنفسهن، وهي من الخطورة بمكان، وغالباً ما تحدث من الزوجات من الجنسيات الأجنبية «غير العربية» - في الأغلب - التي تقيم داخل المملكة، عندما تقوم الزوجة بالزواج من أكثر من شخص - باسم زواج المسيار - فتخدع أكثر من رجل في وقت واحد، وقد تم القبض على كثير من مثل هذه الحالات.
المهم في نهاية الأمر: هو فكرة الزواج الثاني، ومتى يمكن له أن يكون حلاً، وهل يمكن له أن يكون هو الحل، بينما قد يكون وباءً، أو وبالاً على البعض، نسأل الله العافية.
Kald_2345@hotmail.com